في الولايات المتحدة معظم جاليات العالم المقيمة في الولايات المتحدة نجحت في صناعة لوبيات تراعي مصالحها ما عدا العرب، كل ما برعوا فيه هو التنافس لتقديم الخدمات للولايات المتحدة دون مقابل، ولهذا فإن الأميركان الذين لا يعرفون إلا منطق القوة لا يحترمون العرب، بل إنهم يبيعون من يقدمون لهم الخدمات عند أول منعطف، وقد تعجبت من الذين استنكروا موقف الكونغرس من رفض الفيتو الذي استخدمه الرئيس الأميركي لقانون «جاستا»، ونسي هؤلاء أن كل أعضاء الكونغرس يعرضون مواقفهم وخدماتهم لمن يدفع، كما أن الدعاية الصهيونية أكثر تأثيرا عليهم من أي شيء، بل إن القانون الأميركي يسمح لممولي حملات الرئاسة أن يقدموا لمرشحي الرئاسة الدعم مقابل ما يمكن أن يقدمه الرئيس للداعمين بعد وصوله للسلطة، أي أن كل ما في الولايات المتحدة من الرئيس والحكومة والكونغرس هو للبيع ولهذا نجحت معظم اللوبيات في شراء مواقف السياسيين الأميركان بما يخدم مصالحها ما عدا العرب وقد كان اللوبي الصهيوني هو الأبرز وهذا سر تهافت السياسيين الأميركان من الرئيس وحتى أصغر موظف على حضور مؤتمرات وتجمعات وجنازات اليهود داخل الولايات المتحدة وخارجها، ورغم أن العلاقة التي تربط الولايات المتحدة بإسرائيل والدعم الذي يقدمونه للصهاينة ينبع من عقيدة، وليس فقط مجرد مصالح، لكن الدول مهما كانت قوتها فإن المصالح في النهاية تجعلها تغير مواقفها أو تتراجع فيها، أو على الأقل لا تدخل في مواجهات، وإذا عرفنا، على سبيل المثال لا الحصر، أن عدد أصوات المسلمين في الولايات المتحدة توازي تقريبا عدد أصوات اليهود، وأنهم لو كانت لديهم رؤية أو استراتيجية أو خطط أو انتماء لاستطاعوا أن يؤثروا كثيرا في السياسة الأميركية وفي آراء السياسيين الأميركان وتوجهاتهم، وسوف أضرب مثالا هنا بعضو الكونغرس جيم موران حينما التقيته قبل سنوات خلال زيارة لي للولايات المتحدة، وكان ربما مع عدد محدود من أعضاء الكونغرس قد صوتوا ضد نقل السفارة الأميركية للقدس، يقول بعد انتهاء التصويت توجهت إلى مكتبي في الكونغرس ففوجئت بمئات من رسائل الاحتجاج والاتصالات الغاضبة على مكتبي من يهود الولايات المتحدة من كل الولايات احتجاجا على موقفي، ولم ينقض اليوم حتى أصيب بريدي وكل أجهزة الاتصال في مكتبي بالشلل التام من كثرة الاتصالات والرسائل حيث انتفض اليهود في الولايات المتحدة ضد كل من وقف ضد القرار بشكل منظم، وهذا هو أثر اللوبي، ويمكن أن نقارن هذا الوضع ببساطة شديدة مع التصويت الأخير للكونغرس، هل لو كان هناك لوبي عربي إسلامي منظم في الولايات المتحدة مثل اللوبي اليهودي وأمطروا أعضاء الكونغرس الذين صوتوا للقرار بآلاف من الرسائل الغاضبة عبر كل وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني وغيرها، هل كان لمثل هذا القرار أن يصدر؟ وأين المليارات التي أنفقتها الحكومات العربية على شركات العلاقات العامة والدعاية في الولايات المتحدة؟ وأين الدبلوماسيون العرب الذين لا هم لهم إلا ملاحقة المعارضين وكتابة التقارير الأمنية فيهم؟!.
بقلم : أحمد منصور
بقلم : أحمد منصور