+ A
A -
سمير حمدي
كاتب تونسي
يعود الجدل إلى المشهد الليبي بعد ضياع فرصة إجراء الانتخابات التي كانت مقرّرة في 24 من الشهر قبل الماضي (ديسمبر)، حيث اتخذ الصراع أبعادا أخرى، بالإضافة إلى الانقسامات التقليدية والصراع بين المناطق والقوى المتنفذة عسكرياً، فقد أصبح السؤال مطروحاً بشأن استمرارية حكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بعيداً عن المشكلة الرئيسية التي تؤرّق الشعب الليبي، والمتعلقة بإعادة الوحدة السياسية للبلاد، والاستفتاء على الدستور والمرور إلى انتخاب المؤسسات القيادية للدولة من رئاسة ومجلس للنواب.
فيما تواصل الأمم المتحدة وقوى دولية مختلفة التأكيد على ضرورة مواصلة المسار نحو الانتخابات في أفق شهر يونيو المقبل سقفاً زمنياً تنتهي معه الفترة الانتقالية، تتجدّد النزاعات بين أطراف الأزمة الليبية، لتتخذ مسارين متناقضين، أحدهما يتبناه رئيس البرلمان الحالي عقيلة صالح، فيما تتبنّى الحكومة الحالية، برئاسة الدبيبة، رؤية أخرى مغايرة تماما، فمنذ عودته إلى رئاسة البرلمان التي تخلى عنها مؤقتا في أثناء ترشّحه للانتخابات الرئاسية، يحاول عقيلة صالح فرض مسار انتقالي جديد، يتأسّس على فكرة تشكيل حكومة انتقالية جديدة. وفي هذا السياق، اتخذ جملة من الخطوات، من بينها تشكيل لجنة لخريطة الطريق وفريق لوضع قاعدة دستورية، وأخيرا فتح الباب للترشح لرئاسة حكومة جديدة قد يجري الإعلان عنها يوم 8 فبراير الجاري. هذه الخطوات المتتالية والمنفردة تدفع نحو مزيد من تأزيم الوضع الليبي المأزوم أصلاً. فتشكيل لجنة لخريطة طريق جديدة يعني عمليا إعلان إلغاء مخرجات الحوار السياسي، وكل مقرّراته من حكومة وحدة وطنية ومجلس رئاسي والإعداد للانتخابات. ويستند هذا التوجه إلى الحق المفترض للبرلمان في إقالة الحكومة، وسحب الثقة منها من خلال تصويت النواب، وهو ما يحاول رئيس البرلمان عقيلة صالح توظيفه في تصفية حساباته السياسية مع رئيس الحكومة الانتقالية. وعلى الرغم من أن توفر أغلبية 120 نائباً للتصويت ضد الحكومة لا يمكن تحققه، غير أنّ هذا لم يمنع رئيس البرلمان من الاستعاضة عنه من خلال اعتماد التصويت بأغلبية الحضور. ويظل هذا المسار محفوفاً بمخاطر شتّى، لا يوليها عقيلة صالح في ما يبدو أيّ اهتمام. ومن أبرز العوائق التي ستعترض أيّ حكومة مقبلة أنّها لن تتمكّن من الحكم فعلياً، بل ولن تكون قادرةً على دخول العاصمة طرابلس، بالإضافة إلى عجزها الكلي عن تمويل ميزانيتها في ظل انحياز المصرف المركزي لحكومة الدبيبة، ولن ينجر عن تشكيلها غير مزيد من الانقسام الوطني ومزيد من الفوضى ليس أكثر.

العربي الجديد
copy short url   نسخ
05/02/2022
167