هل كان قرار تصويت القاهرة، لصالح مشروع موسكو في مجلس الأمن، المعادي للشعب السوري، والداعم مباشرة لمذابح الروس والإيرانيين والنظام، مخالفاً للخط السياسي الذي انتهجه الرئيس السيسي منذ قيادته للانقلاب؟
الجواب كلّا، فما الجديد إذن في أروقة الأمم المتحدة، والحديث الحميمي بين وزير خارجية نظام الأسد ووزير خارجية نظام الرئيس السيسي، وكيف يُفهم مضمون استياء واستهجان، الممثل الدائم الرسمي للمملكة العربية السعودية، المعروف بالنزعة العروبية عبد الله المعلمي، وتوبيخه لممثل مصر وتصويته، الذي تحول إلى حالة من الحرج والفضيحة بحسب إشارة المعلمي.
قبل الاستطراد نحتاج أن نُشير إلى اعتراض أ. عبد الرحمن الراشد الوجه البارز لتاريخ شبكة الأم بي سي والشرق الاوسط، في حواره مع زميله أ. جمال خاشقجي، وكلاهما اعلاميان سعوديان كبيران، ودفاعه عن الموقف المصري، ثم هجومه المفاجئ على تركيا، وإقحامه لقطر دون أي علاقة مباشرة، وهل هذا يعني أن الاستياء السعودي الرسمي غير حقيقي؟
لن نُطيل في هذا الامر، لكن الغريب أن استهداف الراشد لتركيا، جاء بعد سلسلة مواقف من أردوغان سجلها عمليا في تكليفه لوزير العدل التركي، وفي أكثر من خطاب أعلن فيه بوضوح لم يصدر من أي دولة أخرى بهذا المستوى، عن تضامنه السياسي الشامل مع الدولة السعودية، ضد مشروع القرار الأميركي، الذي يَسعى اليوم لمصادرة كامل الأرصدة السعودية، ويجري العمل لتجميدها قضائيا.
ومع ذلك كله فإن تركيا تم الاهتمام بها كحليف استراتيجي، من خلال خطاب اعلامي سعودي خارج شبكة الإم بي سي، وزيارات لشخصياتها الثلاث الملك وولي العهد وولي ولي العهد، الذي يُحضّر لزيارته القادمة الجديدة لتركيا، بعد زيارة مهمة للأمير محمد بن نايف.
فكل اتجاه الدولة السعودية، يأتي اليوم متحداً في ظل هذا السياق، وهذا يعني على الأقل في رصد المراقب السياسي، أن الصراع الأيدلوجي مع الإسلام السُني، والمشاعر الشخصية هي من يحكم سلوك أ. الراشد فأثرت خطته الإعلامية ضد تركيا، على ما كتبه أخيرا في حواره مع أ. خاشقجي.
ومن هنا فالعودة إلى الموقف الرسمي، حتى كتابة هذا المقال لم يتغير، وهو ثابت في موقف السفير المعلمي، وعزّز هذا الامر أن أ. خالد التويجري رئيس الديوان الملكي السابق، كتب ومن حسابه الرسمي، تغريدة أسف شديدة على موقف القاهرة من دعم طهران وموسكو لهولوكوست القرن، وتحالف الرئيس السيسي مع محور معاد للمملكة، والأستاذ التويجري هو المعلن عنه رسميا، في رعاية الدعم للرئيس السيسي خلال فترة عمله،
إن هذا التثبيت للموقف الرسمي للمملكة، قد يصدر له خلال أيام ما يُشير إلى نوع من محاولة الاعتذار، والتصحيح من قبل نظام الرئيس السيسي، لكن الحقيقة الكبرى المُدلّلة على الأرض تُشير بأن الأمر قديم واستراتيجي.
فبيان القوات المسلحة المصرية، الأول بعد الانقلاب أشار إلى موقف الرئيس مرسي المناهض لنظام الأسد، ودوره في مستقبل سوريا، كمبرر للانقلاب، خاصة بعد مؤتمر سوريا في القاهرة في عهد الرئيس مرسي،
والذي يُشك كثيرا بأنه مدفوع من المخابرات في مصر، عبر بعض المشايخ السلفيين، علموا أو لم يعلموا، والذي كان يسعى لتفجير خطاب عاطفي مشحون عن سوريا وعن الشيعة وتوثيقه، لا يترتب عليه أي فائدة سوى توريط الرئاسة، في حين كان الرئيس مرسي الذي اُستدرج لهذا المؤتمر، يعمل لتنفيذ خطة مشتركة مع انقرة والرياض لإنجاز اختراق لصالح الثورة السورية، ثم يتحد الثلاثة في لقاء سياسي مع طهران لإقناعها بالانسحاب.
وكل ذلك قد انهار كلياً، بعد الانقلاب الذي تنفست به طهران ونظام دمشق الصعداء، ومن خلاله حُيّدت مصر عربيا، واستعيد زخم العلاقات مع تل ابيب وأُعلنت المقاومة الفلسطينية عدواً، وأنشئت جسور ضخمة مع الروس والإيرانيين دعمتهم من دمشق حتى صنعاء، فما جرى لم يكن غريبا، وإنما شعور طاقم الخارجية المصري وغرفة العمليات العسكرية العميقة، أن وضع المملكة بعد جاستا، يسمح بتغيير التموضع، فمصر السيسي لا مصر العرب، تخطط لنصيب من اقتسام الخليج، ولو كان بمسافة السكة لموسكو وطهران.
بقلم : مهنا الحبيل
الجواب كلّا، فما الجديد إذن في أروقة الأمم المتحدة، والحديث الحميمي بين وزير خارجية نظام الأسد ووزير خارجية نظام الرئيس السيسي، وكيف يُفهم مضمون استياء واستهجان، الممثل الدائم الرسمي للمملكة العربية السعودية، المعروف بالنزعة العروبية عبد الله المعلمي، وتوبيخه لممثل مصر وتصويته، الذي تحول إلى حالة من الحرج والفضيحة بحسب إشارة المعلمي.
قبل الاستطراد نحتاج أن نُشير إلى اعتراض أ. عبد الرحمن الراشد الوجه البارز لتاريخ شبكة الأم بي سي والشرق الاوسط، في حواره مع زميله أ. جمال خاشقجي، وكلاهما اعلاميان سعوديان كبيران، ودفاعه عن الموقف المصري، ثم هجومه المفاجئ على تركيا، وإقحامه لقطر دون أي علاقة مباشرة، وهل هذا يعني أن الاستياء السعودي الرسمي غير حقيقي؟
لن نُطيل في هذا الامر، لكن الغريب أن استهداف الراشد لتركيا، جاء بعد سلسلة مواقف من أردوغان سجلها عمليا في تكليفه لوزير العدل التركي، وفي أكثر من خطاب أعلن فيه بوضوح لم يصدر من أي دولة أخرى بهذا المستوى، عن تضامنه السياسي الشامل مع الدولة السعودية، ضد مشروع القرار الأميركي، الذي يَسعى اليوم لمصادرة كامل الأرصدة السعودية، ويجري العمل لتجميدها قضائيا.
ومع ذلك كله فإن تركيا تم الاهتمام بها كحليف استراتيجي، من خلال خطاب اعلامي سعودي خارج شبكة الإم بي سي، وزيارات لشخصياتها الثلاث الملك وولي العهد وولي ولي العهد، الذي يُحضّر لزيارته القادمة الجديدة لتركيا، بعد زيارة مهمة للأمير محمد بن نايف.
فكل اتجاه الدولة السعودية، يأتي اليوم متحداً في ظل هذا السياق، وهذا يعني على الأقل في رصد المراقب السياسي، أن الصراع الأيدلوجي مع الإسلام السُني، والمشاعر الشخصية هي من يحكم سلوك أ. الراشد فأثرت خطته الإعلامية ضد تركيا، على ما كتبه أخيرا في حواره مع أ. خاشقجي.
ومن هنا فالعودة إلى الموقف الرسمي، حتى كتابة هذا المقال لم يتغير، وهو ثابت في موقف السفير المعلمي، وعزّز هذا الامر أن أ. خالد التويجري رئيس الديوان الملكي السابق، كتب ومن حسابه الرسمي، تغريدة أسف شديدة على موقف القاهرة من دعم طهران وموسكو لهولوكوست القرن، وتحالف الرئيس السيسي مع محور معاد للمملكة، والأستاذ التويجري هو المعلن عنه رسميا، في رعاية الدعم للرئيس السيسي خلال فترة عمله،
إن هذا التثبيت للموقف الرسمي للمملكة، قد يصدر له خلال أيام ما يُشير إلى نوع من محاولة الاعتذار، والتصحيح من قبل نظام الرئيس السيسي، لكن الحقيقة الكبرى المُدلّلة على الأرض تُشير بأن الأمر قديم واستراتيجي.
فبيان القوات المسلحة المصرية، الأول بعد الانقلاب أشار إلى موقف الرئيس مرسي المناهض لنظام الأسد، ودوره في مستقبل سوريا، كمبرر للانقلاب، خاصة بعد مؤتمر سوريا في القاهرة في عهد الرئيس مرسي،
والذي يُشك كثيرا بأنه مدفوع من المخابرات في مصر، عبر بعض المشايخ السلفيين، علموا أو لم يعلموا، والذي كان يسعى لتفجير خطاب عاطفي مشحون عن سوريا وعن الشيعة وتوثيقه، لا يترتب عليه أي فائدة سوى توريط الرئاسة، في حين كان الرئيس مرسي الذي اُستدرج لهذا المؤتمر، يعمل لتنفيذ خطة مشتركة مع انقرة والرياض لإنجاز اختراق لصالح الثورة السورية، ثم يتحد الثلاثة في لقاء سياسي مع طهران لإقناعها بالانسحاب.
وكل ذلك قد انهار كلياً، بعد الانقلاب الذي تنفست به طهران ونظام دمشق الصعداء، ومن خلاله حُيّدت مصر عربيا، واستعيد زخم العلاقات مع تل ابيب وأُعلنت المقاومة الفلسطينية عدواً، وأنشئت جسور ضخمة مع الروس والإيرانيين دعمتهم من دمشق حتى صنعاء، فما جرى لم يكن غريبا، وإنما شعور طاقم الخارجية المصري وغرفة العمليات العسكرية العميقة، أن وضع المملكة بعد جاستا، يسمح بتغيير التموضع، فمصر السيسي لا مصر العرب، تخطط لنصيب من اقتسام الخليج، ولو كان بمسافة السكة لموسكو وطهران.
بقلم : مهنا الحبيل