صوَّت المجلس الأعلى للدولة في ليبيا على قرار يمنع حاملي الجنسيات الأجنبية إلى جانب الجنسية الليبية والعسكريين من الترشح للانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة.

ويعكس القرار موقفا ثابتا لدى شريحة واسعة من أعضاء المجلس الأعلى للدولة من هذه المسائل التي كانت محل جدل ونزاع كبير بين الأعلى للدولة ومجلس النواب، حتى إن مفاوضات القاهرة بين وفدي المجلسين ثم لقاء جنيف الذي جمع رئيسي الجسمين؛ فشلت وكان السبب هو التجاذب حول هاتين المسألتين. الموقف من مشاركة حملة الجنسيات الأجنبية، الغربية تحديدا، كان هو الرفض منذ أن دب الخلاف بين شركاء الثورة الليبية وذلك بعد نجاحها في إسقاط النظام السابق، وصار الشك في مزدوجي الجنسية هو الأصل وتردد في أوساط الليبيين لفظ «الدبل شفرة» لوصف هذه الشريحة. إلا إن الاتجاه تغير وبالتالي تغير الموقف منهم، خاصة في المنطقة الشرقية.

قرار الأعلى للدولة يُنظر إليه من زاويتين تمثلان وجهتي نظر مختلفتين، الأولى أنه فاقد للقيمة وأنه مجرد دعاية سياسية لرئيس المجلس الأعلى للدولة الذي تراجعت شعبيته ضمن المنتظم السياسي والاجتماعي والعسكري في الغرب الليبي، فيما ترى فئة أخرى أنه تأسيس سياسي وقانوني لأرضية ثابتة لأي تفاوض قادم مع مجلس النواب، إذ سيتعذر على وفد الأعلى للدولة أن يقبل بشروط نظرائه في البرلمان بخصوص شروط الترشح للانتخابات بعد أن تحدد موقف الأعلى للدولة منها عبر تصويت حر.

بالمقابل، فإن سوابق عدة أثبتت أن خيارات المجلس الأعلى للدولة غير ذات أهمية وتسقط أمام إصرار مجلس النواب على رفضها، بل إن رئيس المجلس الأعلى للدولة والوفد المفاوض تهاونوا أمام ضغوط نظيرهم السياسي وتخلوا عن مواقفهم حيال عدد من المسائل الجدلية.

من الناحية القانونية، ووفقا للاتفاق السياسي، فإن الأعلى للدولة شريك أصيل في العملية السياسية ويقاسم مجلس النواب الصلاحية والمسؤولية في التأسيس للمرحلة الدائمة وكل ما يتعلق بالمرحلة الانتقالية، بما في ذلك التعديلات الدستورية وقوانين الانتخابات والمناصب السيادية، فيما تنطلق الفئة المهيمنة على مجلس النواب من الاعتقاد بأن دور الأعلى للدولة استشاري ولا يرقى إلى مستوى المشاركة في القوانين والقرارات، بما في ذلك المتعلقة منها بالأساس الدستوري والقانوني للانتخابات أو القرارات المعنية بإقالة وتعيين كبار موظفي الدولة.

وإذا أضفت العامل الأيديولوجي، أي الاعتقاد بأن الأعلى للدولة هو الواجهة السياسية للإسلام السياسي وحتى المجموعات المتشددة، والنزوع الجهوي الذي يصور الأعلى للدولة واجهة الغرب المدافع عن المركزية والمهيمن على القرار السياسي والمالي في مواجهة الشرق المهمش والمحروم، فإن الاختلال أكبر من أن يحتويه قرار أو يعالجه إجراءات وقاية وتأمين مكاسب.

{ عربي 21