في أوائل القرن العشرين شكَّل «جو فيوري» عصابةً من المُحتالين، تقوم بعملياتِ نصبٍ في جميعِ أنحاء أميركا، واستطاعَ «فيوري» وعصابته أن يجمعوا ثروةً طائلة.

وفي تكساس التقى «فيوري» بفلاحٍ ثري اسمه «فرانك نورفليت»، واعتبرَهُ صيداً سهلاً وثميناً، وبالفعل أقنعَ «فيوري» الفلاحَ «نورفليت» بإعطائه مبلغ خمسين ألف دولار على أن يردَّها إليه ستين ألفاً بعد عشرة أيام، وبالفعل أعادَ «فيوري» المبلغ ولكن في كل رزمة دولاراتٍ سليمة في أولها وآخرها، وفي الوسط أوراق بيضاء!

كان «فيوري» قد مارسَ هذه الخدعة هو وعصابته أكثر من مرة، وفي كل مرة كان الضحية يتجرَّعُ هزيمتَهُ وخديعتَهُ بصمتٍ ويُقررُ أن لا يفضحَ نفسه. ولكن «نورفليت» لم يكن كالضحايا السابقين، كان شخصاً لا يقبل الهزيمة!

قصدَ مركز الشرطة الذي أبلغه أنه لا يستطيع أن يفعلَ له شيئاً!

فقررَ أن يُنفذَ القانون بيده!

كان أول ما فعله هو أن بحثَ عن كل الذين كانوا ضحايا «لفيوري» وعصابته، ودوَّن أسماء العصابة على ورقة، وعادَ إلى مزرعته، وأوكلَ إلى زوجته إدارتها، وحملَ مسدسه وبدأ يجوبُ ولاياتِ أميركا شرقاً وغرباً بحثاً عنهم، وعلى مدار عشر سنوات كان يعثرُ عليهم، ويقتلهم واحداً تلو الآخر، وأخيراً عثرَ على «فيوري»، وكان آخر ما قاله له قبل أن يُطلقَ الرصاصةَ على رأسه: أنا سعيدٌ جداً أن وجهي سيكون هو آخر وجه ستراه في حياتك!

عادَ «نورفليت» إلى بيته ليجد أن زوجته فشلتْ في إدارةِ المزرعة، وأعلنتْ إفلاسها، ثم طلبتْ منه الطلاق!

وهو خارجٌ من المحكمة قال: لقد دمرتُ حياتي كما دمرتُ حياة أولئك الأوغاد، ولكن الأمر كان يستحق!

ليس للناسِ جميعاً ردود الأفعال ذاتها!

ولا كل الناس ينظرون للأمورِ من الزاويةِ نفسها!

كل الذين تعرَّضوا للنصبِ من «فيوري» وعصابته سكتوا وتجرَّعوا خيبتهم لأن الأمر كان يتعلقُ عندهم بالسُمعة، أما «نورفليت» فسعى في الانتقام لأن الأمر عنده كان يتعلقُ بالكرامة!

البعضُ لا يعرفون طيَّ الصفحة، والانسحاب ليس على جدول أعمالهم، إنهم يُقاتلون حتى آخر رمق، وكان مقتل «فيوري» فوق أنه نصَّاب، أنه راهنَ أن الجميع سيتصرفون وفق نفس المبدأ: السكوت، والانسحاب!

فاتَهُ أن البعض حتى وإن لم يستطيعوا هزيمتك فإنهم سينغِّصون عليكَ نصركَ!