شابة تقف في محل هواتف تقول له أريد محتويات جوالي كلها.. شاب آخر يقول أريد محتويات هاتفي.. وكل منهما فقد الأمل في استعادة ما تلقوه من «قوارير عطر وورود وشلالات من الرسائل الإلكترونية التي حملت الرضا والحزن.. الفرح والغضب.. القرب والهجر.. الدموع والابتسامات.. ومناديل التحية الصباحية.. ضاعت هدايا الحبيب وطارت رسائل الحبيب التي سهرت الليل تتلقاها وترسم معها أحلام الغد حين تجلس هي وزوجها يتذكران الأيام.. رسائل ذابت مع صهر الجوال ولن تعود ولن تحملها إلى بيت الزوجية في صندوق العرس ولن يجدها العريس لأنها بيعت مع جوالها خردة ليستفيد منه المشتري بما يحتوي من ذهب فيجلس على شاطئ النهر أو البحر أو تلة الغابة لينشد مع مظفر النواب
مو حزن
لكن حزين..!
مثل ما تنقطع
جوا المطر
شتلة ياسمين!
مو حزن.. لكن حزين
مثل صندوق العرس
ينباع خردة عشق
من تمضي السنين!
فكم تحمل جوالاتنا من ذكريات وصور وأشعار ونكات.. وإذا أغفلت أن تنقل جوالك قبل أن يصاب بالضربة القاضية فيروس أو فرمته فسوف تجد نفسك ضائعا..
رجل أعمال.. يقول الجوال هو ذاكرتك.. وسكرتيرتك.. ومكتبك.. وهو رفيق الدرب وحين يصبح خردة سوف نغني أغنية الحزن..

انقشعت العتمة وذاب الثلج وبدأت تتفشى رائحة ما دفنته الأيام وروجت له وسائل الظلام وظهر الحق وبان وبدأت خيوط الفجر تتسلل إلى السجون فتنشر الضياء وتبعث النور في الصحراء، والشعب الأغلبية الذي فاق على «خازوق» طوله متران بدأ يبحث عن خازوق النصف متر.. أمة ضحكت من جهلها الأمم جاءتها الديمقراطية على طبق من ذهب فألقت بها بالسجن بلا عتب.. انقشعت العتمة.. وبدأ الخلان يهجون الخل غير الوفي خلا بعد آخر.. وقريبا ستشرق الشمس من جديد..

عشقت العواصم وبنيت بيوتا من الوهم
«بنيت بيوتا من الوهم والدمع
أين هو العشق.. أين هو العشق أين هو العشق»؟
وطني وهم.. وعشقي وهم.. وفارس الوطن وهم..
عشقت «القاهرة» عبد الناصر فكان عشقي بيتا من الوهم.
عشقت «دمشق» الاتاسي فكان عشقي.. بيتا من رمل.
عشقت «بغداد» صدام فكان الوهم الأكبر.
عشقت إحدى وعشرين عاصمة وبنيت عشرين بيتا، كانت كلها بيوتا من الوهم.
طلقت العشق.. حين رأيت البحر يستجير بالبئر.
نبضة أخيرة
هجرت حب العواصم.. وألقيت به فوق خاضنة العفاف المصطنع، وأعود لمدينة تمطر عشقا حقيقيا..
بقلم : سمير البرغوثي