أوضح فضيلة الشيخ عبدالله محمد النعمة خلال خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب أن الأولاد هبة الله تعالي للآباء يسر الفؤاد بمشاهدتهم وتقر العين برؤيتهم وتبتهج النفوس بمحادثتهم هم ريحانة الألباب وزهرة الحياة وثمرة الفؤاد وزينة العمر (المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا).

وأضاف الخطيب: نعمة الأولاد متعة حقيقية ورزق حسن تصلح به الأرض وترتاح إليها النفس وتقر بها العين وتسعد: (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما). روى ابن ماجة وأحمد عن يعلي العمري رضي الله عنه أنه قال: جاء الحسن والحسين يسعيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهمهما إليه وقال: (إن الولد مبخلة مجبنة) أي من أجلهم يبخل الإنسان بالمال ويجبن عن الجهاد فيرغب في البقاء معهم محبة لهم وحرصا عليهم وفي الحديث بيان محبة النبي صلى الله عليه وسلم لحفيديه على ما يقتضيه المقام وفيه دلالة للمحبة الطبيعية والمودة العادية الفطرية التي جبلت قلوب الآباء والأمهات على أبنائهم ولهذا حرص الإسلام على السعي في طلب الولد حين شرع النكاح، جاء في الحديث الصحيح عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة وينهى عن التبتل نهيا شديدا ويقول (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة) رواه أحمد وأبو داود والنسائي ولا تزال هذه حقيقة قائمة إلى يوم القيامة لم يطرأ عليها ما ينقصها أو يغيرها.

وذكر الشيخ عبدالله النعمة أن تربية الأولاد أصبحت قضية من أهم قضايا المجتمعات تمس حياة الأمم والأفراد والأسر والمجتمعات على حد سواء وتتصل بجميع أفراد المسلمين وتتعلق بحياتهم وتؤثر فيها سلبا أو إيجابا بصلاحها تبنى الشعوب وتحمى الأوطان وتصلح الأحوال وبفسادها تهزم الأمم ويعم الفساد ويختل المجتمع ولأجل هذا اهتم الإسلام بتربية الأبناء وإصلاحهم وتعاهدهم وتهذيبهم وتنشئتهم علي النهج القويم والصراط المستقيم قال سبحانه: (يا أيها الذين آمنو قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة).. قال علي رضي الله عنه (علموهم وأدبوهم) وفي الحديث المتفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه.. ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).

وأكد الخطيب أن البيت هو ركيزة التربية الأساسية والمؤشر الأقوى في الصلاح والفساد ولأجل هذا جعل الإسلام الآباء والأمهات أصحاب المسؤولية الأولى في تربية الأولاد وتنشئتهم والمحافظة على الفطرة التي فطرهم الله تعالي عليها.

ونوه الخطيب أنه حين كان المسلمون يعنون بتربية أجيالهم ويهتمون بها كانت بيوتهم وأسرهم تخرج أجيالا صالحة نافعة لأمتها ودينها متحلية بالأخلاق والأدب وحافظه لحقوق الناس وأعراضهم يتعاملون مع الآخرين وإن كانوا غير المسلمين بهدي الإسلام في سلوكه وأقواله وتعاملاته وأفعاله، كانت هذه الأجيال تتربى على الكتاب والسنة وسير سلف الأمة.