+ A
A -
نكتب بعد ساعات من قصف التحالف الدولي لمدينة الموصل، العمق العربي والسني الأخير للهوية العراقية وتراثها الحضاري، فالعراق لم يعش حالة احتلال جغرافي فقط وانما احتلال وجدان وضمير، وصناعة وطنية.
ولذلك فإن خلاص الموصل من داعش التي انتهت دورتها الزمنية، لم يكن ليُغيّر ضمير العروبي الشيعي والعربي السني، رغم كل بغيه وتوحشه، وإن استقطب التنظيم بعض عناصر المجتمع، لكن المراقب يدرك قوة ممانعة النسيج السني ثقافيا ووجدانيا، كغالبية فيه تضبط انتماؤها، وتهذب التطرف الذي جاء كرد فعل على طائفية المحتلين، وبأسهم على الشعب، أو كان ضمن نزغ غلوٍ عانت منه الأمة، في عقودها الأخيرة.
ولذلك فإن الاتحاد الخليجي التركي أمام أخطر ملف، وهو سقوط الموصل، ومنع أياً من عشائره وقواته السنية خارجه، من تشكيل حراسة وطنية تمنع الإيرانيين، من تحويل الموصل إلى مصير الفلوجة، التي تخضع اليوم لبغي طائفي بعد إحراق منازل وقتل المدنيين، وبالتالي يُطبِقُ هذا العهد بكل مساوئه على العراق، عهد طائفي فاقع، بحماية أميركية.
فما عسى الاتحاد الخليجي التركي الجديد أن يفعل، في أهم ملفات التقاطع لأمنه القومي المشترك، عرب الخليج وتركيا.
ودعونا ابتداءً نؤكد، أن تجاوز كل العوائق والتحفظات، في العلاقة الاستراتيجية بين الخليج العربي وتركيا، قضية جيدة، ولكن تأخرت كثيراً وفاتت فرصاً عديدة، والعمل اليوم أكثر كلفة من الأمس، كما أننا نحتاج إلى تفصيل مهم، في معنى هذا الاتحاد السياسي المرحلي، نعم شاركت كل دول المجلس الخليجي في اللقاء، لكن مستوى العلاقة والقناعة في قطر والرياض مختلفة، فهما الأكثر حماساً، لتحويل التحالف إلى برنامج عمل استراتيجي وميداني.
وتأتي الكويت والبحرين داعمة لهذا الإطار وهذا جيد، فيما يتعلق بالإمارات فلا يزال التحفظ.
غير أن الرياض والدوحة تستطيعان اقناع ابوظبي بترك حركة التحالف في مسارها، مع أنقرة، إن لم تشارك بذات الوهج والقناعة، فيما مسقط لها تموضعها الخاص، وفي حوار مع أحد الأصدقاء المقربين من الرئيس أردوغان، أكد على موقف الرئيس من دعم الخليج، وتطابق الرؤية في أكثر من ملف، وأن الرئيس أردوغان حريص شخصيا على دعم المملكة في ملف اليمن.
وهنا يقفز الموقف العماني لكن بقراءة مختلفة، فللسلطنة موقف مختلف في ملف اليمن، لكن ذلك لا يمنع من أن إسناد تركيا للرياض في ملف اليمن، قد يلتقي في غرفة حوار خاصة تطرح فيها أنقرة ذات الخبرة في تفكيك الاشتباكات السياسية، مشروع توافقي، بعد أن يتقدم الجيش اليمني، وتنهى الحرب بواقع سياسي لصالح اليمن والرياض وعُمان والمنطقة، وقد تضطر بعض الأطراف لتنازلات، لكن وقف الحرب بعودة الشرعية مكسب للجميع. هز الصديق رأسه منشرحاً، وقال صحيح، لا بد من شراكة عُمان، مع التزامنا بدعم السعودية في ملف اليمن.
ستبقى عندها الموصل وسوريا، وأي ملف ممكن لهذا الاتحاد أن ينجزه، فهو سيساعد في ملفات أخرى، فالموصل إن أمكن دعم الدعوات العشائرية، ومع عودة المقاومة كجيش النقشبندية، وكتائب العشرين، لتكون حرس وطني خاص بالمدينة فلا يدخلها أيا من الميلشيات الطائفية، ولو ترتب على ذلك مواجهة مسلحة بعد انسحاب داعش.
وهنا دور الاتحاد الخليجي التركي، الوقوف والضغط على الأميركيين لإقرار تواجد هذا الحرس، وتعميمه على نينوى، ثم الفلوجة، بعيدا عن تفاوض لن يجدي نفعا، فعقلية الهيمنة الطائفية مازالت تسيطر، ولكن هذه الممانعة العسكرية، حين تدعمها وتسندها الدبلوماسية الجديدة، وتنسق سويا لتعزيز القوة التركية كفاصل بين المدن وبين داخلها، فهي أول مهام النجاح النوعية مع تركيا لمصالحها والمصالح العربية، ويبقى الملف السوري، يُختصر في دعم تركيا في تحالفها مع الجيش السوري الحر، تلك الركيزة للمخرج الأخير.
بقلم : مهنا الحبيل
ولذلك فإن خلاص الموصل من داعش التي انتهت دورتها الزمنية، لم يكن ليُغيّر ضمير العروبي الشيعي والعربي السني، رغم كل بغيه وتوحشه، وإن استقطب التنظيم بعض عناصر المجتمع، لكن المراقب يدرك قوة ممانعة النسيج السني ثقافيا ووجدانيا، كغالبية فيه تضبط انتماؤها، وتهذب التطرف الذي جاء كرد فعل على طائفية المحتلين، وبأسهم على الشعب، أو كان ضمن نزغ غلوٍ عانت منه الأمة، في عقودها الأخيرة.
ولذلك فإن الاتحاد الخليجي التركي أمام أخطر ملف، وهو سقوط الموصل، ومنع أياً من عشائره وقواته السنية خارجه، من تشكيل حراسة وطنية تمنع الإيرانيين، من تحويل الموصل إلى مصير الفلوجة، التي تخضع اليوم لبغي طائفي بعد إحراق منازل وقتل المدنيين، وبالتالي يُطبِقُ هذا العهد بكل مساوئه على العراق، عهد طائفي فاقع، بحماية أميركية.
فما عسى الاتحاد الخليجي التركي الجديد أن يفعل، في أهم ملفات التقاطع لأمنه القومي المشترك، عرب الخليج وتركيا.
ودعونا ابتداءً نؤكد، أن تجاوز كل العوائق والتحفظات، في العلاقة الاستراتيجية بين الخليج العربي وتركيا، قضية جيدة، ولكن تأخرت كثيراً وفاتت فرصاً عديدة، والعمل اليوم أكثر كلفة من الأمس، كما أننا نحتاج إلى تفصيل مهم، في معنى هذا الاتحاد السياسي المرحلي، نعم شاركت كل دول المجلس الخليجي في اللقاء، لكن مستوى العلاقة والقناعة في قطر والرياض مختلفة، فهما الأكثر حماساً، لتحويل التحالف إلى برنامج عمل استراتيجي وميداني.
وتأتي الكويت والبحرين داعمة لهذا الإطار وهذا جيد، فيما يتعلق بالإمارات فلا يزال التحفظ.
غير أن الرياض والدوحة تستطيعان اقناع ابوظبي بترك حركة التحالف في مسارها، مع أنقرة، إن لم تشارك بذات الوهج والقناعة، فيما مسقط لها تموضعها الخاص، وفي حوار مع أحد الأصدقاء المقربين من الرئيس أردوغان، أكد على موقف الرئيس من دعم الخليج، وتطابق الرؤية في أكثر من ملف، وأن الرئيس أردوغان حريص شخصيا على دعم المملكة في ملف اليمن.
وهنا يقفز الموقف العماني لكن بقراءة مختلفة، فللسلطنة موقف مختلف في ملف اليمن، لكن ذلك لا يمنع من أن إسناد تركيا للرياض في ملف اليمن، قد يلتقي في غرفة حوار خاصة تطرح فيها أنقرة ذات الخبرة في تفكيك الاشتباكات السياسية، مشروع توافقي، بعد أن يتقدم الجيش اليمني، وتنهى الحرب بواقع سياسي لصالح اليمن والرياض وعُمان والمنطقة، وقد تضطر بعض الأطراف لتنازلات، لكن وقف الحرب بعودة الشرعية مكسب للجميع. هز الصديق رأسه منشرحاً، وقال صحيح، لا بد من شراكة عُمان، مع التزامنا بدعم السعودية في ملف اليمن.
ستبقى عندها الموصل وسوريا، وأي ملف ممكن لهذا الاتحاد أن ينجزه، فهو سيساعد في ملفات أخرى، فالموصل إن أمكن دعم الدعوات العشائرية، ومع عودة المقاومة كجيش النقشبندية، وكتائب العشرين، لتكون حرس وطني خاص بالمدينة فلا يدخلها أيا من الميلشيات الطائفية، ولو ترتب على ذلك مواجهة مسلحة بعد انسحاب داعش.
وهنا دور الاتحاد الخليجي التركي، الوقوف والضغط على الأميركيين لإقرار تواجد هذا الحرس، وتعميمه على نينوى، ثم الفلوجة، بعيدا عن تفاوض لن يجدي نفعا، فعقلية الهيمنة الطائفية مازالت تسيطر، ولكن هذه الممانعة العسكرية، حين تدعمها وتسندها الدبلوماسية الجديدة، وتنسق سويا لتعزيز القوة التركية كفاصل بين المدن وبين داخلها، فهي أول مهام النجاح النوعية مع تركيا لمصالحها والمصالح العربية، ويبقى الملف السوري، يُختصر في دعم تركيا في تحالفها مع الجيش السوري الحر، تلك الركيزة للمخرج الأخير.
بقلم : مهنا الحبيل