+ A
A -

لا شك أن الولايات المتحدة لا تزال الأقدر على توجيه الأحداث في ليبيا والتأثير على اتجاه النزاع الراهن وتهيئة الظروف للاستقرار ولو نسبيا، والوقائع تشهد بذلك، ومن ذلك الدور الأميركي في اتجاه الصراع الذي احتدم بعد تفجر ثورة السابع عشر من فبراير وتصدي نظام القذافي لها بالقوة المفرطة وتدخل المجتمع الدولي عبر قرار حماية المدنيين من مجلس الأمن. فقد ظهر أن العواصم الأوروبية التي شاركت في العمليات العسكرية ضد كتائب القذافي استنزفت طاقتها ووقفت عاجزة أمام وقف آلة النظام العسكرية، وكان دور الطائرات الأميركية حاسما في ردع دعم الثوار في الصمود أمام قوات النظام.

الأحداث بعد ذلك تطورت بشكل مختلف، فالرئيس الجديد في البيت الأبيض الذي خلف باراك أوباما تبنى سياسة مختلفة تماما عنه، كان عنوانها الأبرز مزيدا من الانسحاب السياسي والدبلوماسي والعسكري والاقتصادي الأميركي من الساحة الدولية، ومن ذلك اتجاه البيت الأبيض إلى ترك الملف الليبي لأطراف أخرى، وفسحت هذه السياسة المجال أمام دول ليست ذات وزن عسكري أو اقتصادي أن تتدخل في ليبيا وتفاقم الأزمة بدرجة كبيرة.

هذا ما ذهبت إليه ستيفاني ويليامز التي كان آخر منصب لها بليبيا هو المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، وسبق ذلك شغلها منصب رئيس البعثة الأممية لليبيا بالإنابة، وذلك بعد استقالة المبعوث الأسبق اللبناني غسان سلامة.

يبدو أن ستيفاني لا ترى تغيرا في موقف وسياسة البيت الأبيض حيال مقاربة التعاطي مع الأزمة الليبية، فقد تحدثت بوضوح أن الأزمة صارت أكثر تعقيدا من ذي قبل، حيث لا يزال اللاعبون السياسيون يمارسون لعبتهم المفضلة في تعطيل المسار التفاوضي، والإشارة إلى الدور الأميركي وقعت عند حديثها عن الانتخابات المحلية ودور المنتظم المحلي في إعادة التوازن وتصحيح الأوضاع، مذكرة بأن الولايات يمكن أن تلعب دورا في ذلك، ولا شك أن المقصود هو الدعم اللوجستي لا أكثر.

تزامن كلام ستيفاني مع تصريح للمبعوث الأميركي الخاص لليبيا، ريتشارد نورلاند، والذي توعد بفرض عقوبات على المعرقلين للعملية السياسية، غير أن التجربة تؤكد أن العقوبات التي يقصدها نورلاند تلك التي لم تؤتِ ثمارا ولا يأبه لها الساسة الليبيون، فهي عقوبات محدودة كما أن الولايات المتحدة نفسها لم تلتزم بتنفيذها.

ـ إن سياسة إسناد الملف الليبي إلى طرف آخر هي سياسة بحد ذاتها، وبأدوات متغيرة وتأثير له اتجاهات مختلفة تماما.عربي 21

copy short url   نسخ
13/11/2022
10