العالم كله بمختلف اهتماماته واتجاهاته، دخل في حساب الأيام والساعات، وركب موجة العد التنازلي بعد إطلاق «النداء الأخير» لجميع المشجعين، بتوجيه أنظارهم وقلوبهم إلى دوحة المجد، تأهباً وترقباً لانطلاق المونديال الحلم لأول مرة على أرض عربية.. وفي عاصمة الرياضة العالمية.. وبتنظيم مثالي وإصرار لم يسبق له مثيل تكسرت عنده الكثير من الهجمات والأكاذيب.. ليرى الجميع نموذجاً يستحق أن يدرّس.. وحكاية تستحق أن تروى.
إنها الإرادة القطرية.. والوحدة الوطنية.
لا صوت يعلو فوق صوت المونديال القطري والعربي، فالرياضة تتصدر المشهد العالمي بروحها وتقاليدها وقواعدها، وكرة القدم لها رونقها وبريقها، فهي لغة مشتركة يفهمها الجميع من مختلف الأطياف وفي شتى الأصقاع، تجمّع ولا تفرق، تحتوي الكبير والصغير، وتصلح ما يفسده الغير، وهي الفرصة لاندماج الثقافات في دوحة الخير.
الرياضة هي البلسم ومفتاح الأمل، فيها يفتح باب الحوارات لتقريب المسافات، وتحت سقفها تلتقي الحضارات بعوامل إنسانية مشتركة في بلد متطور وسط مجتمع راقٍ وواعٍ، يفهم التعايش مع الجميع والانفتاح على الآخرين.
كرة القدم هي معشوقة الجماهير وكأس العالم هي «عروس البطولات».. وقطر المكان المثالي والخيالي لتحويل الفعاليات إلى عروض ومناسبات تاريخية لا تسقط من الذاكرة.
لم يتبق على «مونديالنا» سوى 6 أيام، وتصبح بلادنا على كل لسان، وهي تطلق العنان لواحد من أهم التجمعات في الكرة الأرضية، لتحقق مكاسبها وتحصد ما زرعته وتتوج صبرها وعزمها، ويتوارى أعداؤها عن الأنظار بعد أن ارتفع لديهم الصغط والسكر، وزاد عليهم الغيظ والقهر.. والسبب قطر !
لم نلتفت يوماً لهؤلاء المرضى ومن يقف خلفهم من الحمقى.. فمشروعنا مكتمل البناء.. وطموحاتنا تبلغ عنان السماء.
فنحن في قطر نصحو كل صباح على إنجاز جديد، وهذا من فضل الله وكرمه على هذه الأرض الطاهرة وأهلها الطيبين، وإذا كانت هذه البطولة تستأثر بالاهتمام الأكبر، فإن هناك ما يستحق الذكر أيضا في مجالات أخرى غير كرة القدم، إذ أعلن الاتحاد الدولي للجمباز فوز دولة قطر باستضافة كونغرس الاتحاد في دورته الـ «85» التي ستُعقد عام «2024»، مسلطا الضوء على القدرات التنظيمية القطرية والتي تجعل من مدينة الدوحة المكان المثالي لاستضافة الاجتماع، ولعل أبرزها السجل الحافل باستضافة كبريات البطولات الرياضية والإرث الثقافي الكبير لدولة قطر.
وفي الشأن الثقافي، النشط والفعال، لا يكاد يمر يوم دون افتتاح معرض أو إزاحة الستار عن عمل فني متميز، برعاية وزير الثقافة سعادة الشيخ عبدالرحمن بن حمد آل ثاني، الذي أعاد للثقافة ألقها وحولها إلى وجبة يومية لا تكتمل الحياة من دونها.
وكان قبل أيام قد أعلن عن شعار اليوم الوطني بعد ظهور مميز، مرتجلاً في خطابه، ومستعيناً بقدراته وكلماته، ليطوعها في سياق لغوي رصين أبهر به الحاضرين.
وفي الفن حصدت قطر عددا من الجوائز في ختام الدورة الثانية والعشرين للمهرجان العربي للإذاعة والتليفزيون الذي أقيم في عاصمة المملكة العربية السعودية الرياض، ببرامج وأعمال من إنتاج المؤسسة القطرية للإعلام.
وفي المجال الصناعي أظهرت بيانات صادرة من وزارة التجارة والصناعة تسجيل «1100» منتج محلي جديد، وتشغيل «17» مصنعا حديثا خلال الربع الثالث من العام الجاري، مشيرة إلى أن مساهمة الصناعات التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من العام الجاري، سجلت مستوى بلغ «24» مليار ريال، فيما سجل عدد العاملين في المصانع زيادة بواقع «840» عاملا.
هؤلاء العمال يعيشون، هم وأقرانهم في مواقع العمل الأخرى، ضمن بيئة عمل آمنة وصحية تضع سلامتهم على رأس الأولويات، انطلاقا من تعاليم ديننا وقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة، التي ساهمت جميعها بعملية إصلاح واسعة في بيئة العمل، تواكب أعلى المعايير في قطاع العمل الدولي، وقد كشفت منظمة العمل الدولية في تقرير أصدرته مطلع شهر نوفمبر الجاري عن النقلة الكبيرة التي شهدها سوق العمل القطري، وعن حرص الوزارة على ديمومة الإصلاحات التشريعية العمالية، واستمرار الشراكة مع المنظمة إلى ما بعد بطولة «مونديال 2022».
آخر نقطة..
هكذا تمضي القافلة القطرية، محملة بالإنجازات الكبيرة في كل مجال، وإذا كانت بطولة كأس العالم تستأثر بالاهتمام الأول، فلأنها الحدث الأبرز عالميا، لكن قطر لم تتوقف عند جانب دون آخر، فهي تدرك أن البناء عملية مستمرة ومتواصلة في كل مجال، لذلك تتواصل النجاحات والإنجازات في كل مضمار، معلنة ولادة دولة الحداثة وهي تتكئ على إرث عميق من القيم الدينية والتراثية الأصيلة.
وإن سألتمونا عن السبب في كل ذلك فإن إجابتنا هي:
«وحدتنا مصدر قوتنا».
محمد حمد المري - رئيس التحرير المسؤول