تعيش الحياة السياسية الفرنسية هذه الأيام على وقع الانتخابات الرئاسية القادمة فتتصاعد وتيرة التصادمات بين المترشحين وبين أحزابهم مع اقتراب الآجال النهائية. فبقطع النظر عن التراشق الواقع بين اليمين واليسار فإن «حزب الجبهة الوطنية» بقيادة ابنة الزعيم التاريخي للحزب «جون ماري لوبان» أي «مارين لوبان» أصبح يشكل داخل النسق السياسي الفرنسي ظاهرة لافتة.
لا تتشكل قيمة الظاهرة في قدرة الحزب على حشد الناخبين أو على التأثير في الانتخابات السياسية بشكل جذري لكنه حزب قادر على تفسير الكثير من الظواهر السياسية والاجتماعية والثقافية داخل المجتمع الفرنسي وخاصة في علاقته بالمهاجرين وبالعرب بشكل عام. أحداث كثيرة داخل الساحة الأوروبية والفرنسية خلال الأشهر والسنوات الأخيرة دفعت اليمين المتطرف بقوة إلى المشهد السياسي وجعلته يتحول إلى فاعل مربك سواء بالنسية إلى اليمين إلى اليسار.
فالعمليات الإرهابية التي شهدتها الساحة الفرنسية خلال السنة الجارية إضافة إلى الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها فرنسا وأوروبا بشكل عام ساهمت بشكل فعال ونشط في صعود نجم اليمين المتطرف. حزب الجبهة الوطنية هو حزب عائلي أشبه بالقبيلة المغلقة التي تصنع التحالفات وتوظف رصيدها التاريخي وتمارس داخلها سلطة العائلة في نشاز تام مع مبدأ التداول على السلطة داخل الحزب وداخل هياكله. لكن اللافت للنظر هو تحول أولويات الحزب وخطابه في الأشهر الأخيرة من خطاب داخلي يركز على خطر المهاجرين والأجانب على الوحدة الفرنسية كما دأبت على ذلك أدبيات الجبهة الوطنية إلى خطاب يركز على الخارج وعلى دول الخليج العربي بشكل لافت.
مقال جديد أثار ضجة واسعة نشره موقع «ميديا بارت» الفرنسي على الشبكة وحمل توقيع الصحفية «مارين تورشي» وكان تحت عنوان «عمليات تأثير الإمارات على ماري لوبان»، وفيه عرضت الصحفية تقريرا عن عروض لوسيط خليجي لم تفصح عن اسمه من أجل تمويل الحملة الانتخابية لحزب الجبهة الوطنية بأموال إماراتية.
قد لا تتمثل المشكلة في الدعم المالي للأحزاب السياسية فهذه عادة جارية في كل الدول الأوروبية تقريبا وحزب اليمين المتطرف لا يخفي سعيه في الحصول على الدعم المادي بكل الوسائل المتاحة. وقد أعلن أنه تحصل خلال المدة السابقة على ملايين الدولارات من روسيا وهو ما يفسر الدفاع المستميت لزعيمة الحزب عن الدور الروسي وعن جرائم بوتين في المنطقة العربية.
لكن الغريب في الموقف الخليجي هو أولا غياب تنسيق مسبق بين الدول الخليجية في مجال السياسة الخارجية لأن زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي كانت تجمَع دائما بين الدفاع عن مصر والإمارات وروسيا ومهاجمة قطر والسعودية بشكل علني في أكثر من منبر إعلامي. لقد أدمن اليمين المتطرف الفرنسي معاداة الأجانب، والمسلمين منهم بشكل خاص، مع تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا ومع الشحن الإعلامي اليومي ضد المسلمين في سياق عالمي ودولي يحارب ظاهرة الإرهاب التي لا ينفك عن ربطها بالإسلام عن عمد وعن قصد في كل مناسبة.
يدرك الجميع في فرنسا وفي أوروبا بشكل عام أن عنوان إفلاس الأحزاب السياسية هو تحويل الخطاب السياسي من خطاب داخلي مؤسس على البرامج وعلى الخطط التنموية إلى خطاب خارجي يبحث عن الإسقاطات ويسعى إليها. لذا فالخليج العربي ومنطقة المشرق مكون مركزي في السياسة الدولية وفي الحملات الانتخابية في كثير من الدول العظمى ولا شك أن تنسيق الجهود الخليجية وتوحيد كلمة البيت الخليجي هي أوكد أولويات الأمة من أجل تفويت الفرصة على من يقتات على جراحنا.
بقلم : محمد هنيد
لا تتشكل قيمة الظاهرة في قدرة الحزب على حشد الناخبين أو على التأثير في الانتخابات السياسية بشكل جذري لكنه حزب قادر على تفسير الكثير من الظواهر السياسية والاجتماعية والثقافية داخل المجتمع الفرنسي وخاصة في علاقته بالمهاجرين وبالعرب بشكل عام. أحداث كثيرة داخل الساحة الأوروبية والفرنسية خلال الأشهر والسنوات الأخيرة دفعت اليمين المتطرف بقوة إلى المشهد السياسي وجعلته يتحول إلى فاعل مربك سواء بالنسية إلى اليمين إلى اليسار.
فالعمليات الإرهابية التي شهدتها الساحة الفرنسية خلال السنة الجارية إضافة إلى الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها فرنسا وأوروبا بشكل عام ساهمت بشكل فعال ونشط في صعود نجم اليمين المتطرف. حزب الجبهة الوطنية هو حزب عائلي أشبه بالقبيلة المغلقة التي تصنع التحالفات وتوظف رصيدها التاريخي وتمارس داخلها سلطة العائلة في نشاز تام مع مبدأ التداول على السلطة داخل الحزب وداخل هياكله. لكن اللافت للنظر هو تحول أولويات الحزب وخطابه في الأشهر الأخيرة من خطاب داخلي يركز على خطر المهاجرين والأجانب على الوحدة الفرنسية كما دأبت على ذلك أدبيات الجبهة الوطنية إلى خطاب يركز على الخارج وعلى دول الخليج العربي بشكل لافت.
مقال جديد أثار ضجة واسعة نشره موقع «ميديا بارت» الفرنسي على الشبكة وحمل توقيع الصحفية «مارين تورشي» وكان تحت عنوان «عمليات تأثير الإمارات على ماري لوبان»، وفيه عرضت الصحفية تقريرا عن عروض لوسيط خليجي لم تفصح عن اسمه من أجل تمويل الحملة الانتخابية لحزب الجبهة الوطنية بأموال إماراتية.
قد لا تتمثل المشكلة في الدعم المالي للأحزاب السياسية فهذه عادة جارية في كل الدول الأوروبية تقريبا وحزب اليمين المتطرف لا يخفي سعيه في الحصول على الدعم المادي بكل الوسائل المتاحة. وقد أعلن أنه تحصل خلال المدة السابقة على ملايين الدولارات من روسيا وهو ما يفسر الدفاع المستميت لزعيمة الحزب عن الدور الروسي وعن جرائم بوتين في المنطقة العربية.
لكن الغريب في الموقف الخليجي هو أولا غياب تنسيق مسبق بين الدول الخليجية في مجال السياسة الخارجية لأن زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي كانت تجمَع دائما بين الدفاع عن مصر والإمارات وروسيا ومهاجمة قطر والسعودية بشكل علني في أكثر من منبر إعلامي. لقد أدمن اليمين المتطرف الفرنسي معاداة الأجانب، والمسلمين منهم بشكل خاص، مع تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا ومع الشحن الإعلامي اليومي ضد المسلمين في سياق عالمي ودولي يحارب ظاهرة الإرهاب التي لا ينفك عن ربطها بالإسلام عن عمد وعن قصد في كل مناسبة.
يدرك الجميع في فرنسا وفي أوروبا بشكل عام أن عنوان إفلاس الأحزاب السياسية هو تحويل الخطاب السياسي من خطاب داخلي مؤسس على البرامج وعلى الخطط التنموية إلى خطاب خارجي يبحث عن الإسقاطات ويسعى إليها. لذا فالخليج العربي ومنطقة المشرق مكون مركزي في السياسة الدولية وفي الحملات الانتخابية في كثير من الدول العظمى ولا شك أن تنسيق الجهود الخليجية وتوحيد كلمة البيت الخليجي هي أوكد أولويات الأمة من أجل تفويت الفرصة على من يقتات على جراحنا.
بقلم : محمد هنيد