خصصت اللجنة العليا للمشاريع والإرث بالتعاون مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مساجد ومصليات في جميع ملاعب كأس العالم فيفا قطر «2022»، إذ يتاح للمسلمين أداء الصلوات في مواقيتها، داخل الملاعب التي تقام عليها المباريات لأول مرة في تاريخ البطولة، حيث تحرص وزارة الأوقاف على تفعيل رسالة المساجد ورعايتها والإشراف عليها كونها تساهم بشكل رئيس في رُقي المجتمع وتماسكه.
وانطلاقا من مكانة المساجد في الدين الإسلامي، عززت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية رفد المساجد بالأئمة والخطباء والمؤذنين المؤهلين بالعلم الشرعي، وواصلت البرامج والدورات التأهيلية لهم، كونهم يقومون بشرف خدمة بيوت الله تعالى وإمامة المصلين، بفهم صحيح ونهج وسطي في إطار قيم الإسلام الأصيلة، وللمساهمة في إحياء دور المسجد في المجتمع، فضلا عن جهودهم في ساحات الدعوة إلى الله عبر منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإسلامية وفق خطاب ديني متوازن.
وكانت الوزارة قد دشَّنت قبل نحو عقد من الزمان العديد من النماذج الحديثة لبناء مساجد قطر، حيث شاركت لجنة من المهندسين والخبراء من عدة وزارات في تصميم مساجد قطر الحديثة، بحيث تكون تلك التصاميم بأفضل المقاييس والمواصفات الدولية، وفق منظور إسلامي يتماشى مع التراث القطري، وتراعي الوزارة في تصاميم المساجد اختلاف مساحة الأراضي التي ستُقام عليها المساجد، واشتراطات المباني الخضراء والمباني المستدامة، والتأكيد على شروط الاستدامة في استخدام الكهرباء والماء، والحفاظ على جماليات التراث في التصاميم بما يعكس أصالة التراث القطري والإسلامي وفق أرقى المعايير.
معرض تفاعلي
وضمن فعاليات الوزارة المصاحبة لبطولة كأس العالم، افتتح الأسبوع الماضي بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب المعرض الإسلامي التفاعلي، الذي يقام بالتعاون والتنسيق بين ثلاث إدارات بوزارة الأوقاف، وهي: إدارة الدعوة والإرشاد الديني، إدارة المساجد، ومركز الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود الثقافي الإسلامي، ويهدف المعرض إلى التعريف بالمسجد وبرسالة الإسلام وإيصال صورته الصحيحة السمحة للناطقين بغير العربية من زوار دولة قطر خلال فترة انعقاد بطولة كأس العالم في قطر، وبخاصة الناطقين باللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، حيث يستمر المعرض حتى 31 ديسمبر 2022.
جداريات إسلامية
كما انتشرت العديد من الجداريات في شوارع قطر، كُتب عليها بعض الأحاديث للنبي محمد صلى الله عليه وسلم للتعريف بالدين الإسلامي للقادمين للمونديال، حيث انتشرت عبر مواقع التواصل صور للجداريات التي تستهدف تعريف الوافدين بمنطقة الشرق الأوسط والخليج من أجل حضور مونديال 2022 لكرة القدم، بسماحة الدين الإسلامي، وتضمنت الجداريات أحاديث للنبي محمد عليه الصلاة والسلام عن الأخلاق والأعمال الصالحة وضرورة فعل الخير في الحياة الدنيا، بلغة عربية مرفقة بترجمة إنجليزية، فمن الأحاديث التي تمت ترجمتها ووضعها على الجداريات «كل معروف صدقة» وحديث آخر يقول فيه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجد فبكلمة طيبة».
مواد دينية
وفي ذات السياق دشن مركز عبد الله بن زيد آل محمود الثقافي الإسلامي التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية، مؤخرا، مبادرة تهدف إلى تعريف جماهير كأس العالم فيفا قطر «2022» بالإسلام من خلال مواد دينية مترجمة بلغات عدة، حيث نشر المركز على موقع وزارة الأوقاف رابطا يحتوي على كتيب ديني ترجم إلى «6» لغات رئيسية هي: الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية والروسية والبرتغالية، ويحتوي كل رابط على لغة محددة بها الكتيب الخاص بالتعريف بالدين الإسلامي تحت عنوان «فهم الإسلام».
ويحتوي الفصل الأول من الكتيب المترجم أبوابا عدة أولها الإجابة عن سؤال ما الدين الإسلامي؟ ومن خلاله يتعرّف القارئ على الدين الإسلامي وتعاليمه، والأخلاق التي دعا إليها الإسلام ومواصفات المسلم الصحيحة وفقا للقرآن والسنة، بينما ينقسم الفصل الثاني من الكتيب إلى قسمين، الأول يناقش قضية خلق الكون، والثاني يتحدث عن كيفية خلق الجنس البشري، وفي الفصل الثالث يتناول الكتيب المترجم الإجابة عن سؤال هل هناك حياة بعد الموت؟ أما الفصل الرابع فيتحدث عن وحدانية الله وأسمائه وصفاته، وأما الفصل الخامس فيتناول أركان الإسلام من الشهادة والصلاة والزكاة والصوم والحج، وبتناول الفصل السادس الغرض من الرسل، فيتحدث أولا عن نبي الله نوح وإبراهيم ثم موسى فعيسى عليهم الصلاة والسلام جميعا، وفي النهاية يتحدث عن رسالة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي الفصل السابع يتناول الأسفار السابقة، في حين يتناول الفصل الثامن القرآن الكريم معجزة الإسلام ثم يتناول الأماكن المقدسة في الدين الإسلامي، ونبذة عنها كالمسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة والمسجد الأقصى في القدس المحتلة، وفي الفصل التاسع يتناول معجزات القرآن الكريم كالحديث عن مراحل الجنين، وجذور الجبال مثل الأوتاد والحاجز الطبيعي بين البحار والحديث عن المنطقة الأمامية في الدماغ، ثم الحديث عن الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم، وفي الفصل العاشر يتناول الفن الإسلامي من فن الخط إلى العمارة الإسلامية إلى الزجاج المعشّق الإسلامي إلى الأربيسك كونه أحد الفنون الإسلامية، أما الفصل الأخير في كتيب التعريف بالإسلام فيتناول الحفاظ على البيئة في الإسلام كالدعوة للحفاظ على الأشجار وعدم إهدار الماء ورعاية الحيوانات والحفاظ على المدن والمجتمعات والطرق نظيفة.
سياحة دينية
وتنظر الجهات السياحية في الدولة إلى جامع الإمام محمد بن عبدالوهاب باعتباره أحد أهم المواقع الإسلامية، التي يحرص السياح الأجانب على زيارتها والوقوف على تصاميمه الهندسية، لذلك تقوم بإدراجه ضمن برنامج زيارات السياح ، باعتبار إن الجامع منذ افتتاحه في ديسمبر 2011 يجذب السياح من مختلف الجنسيات.. والمعروف أن هذا المسجد واحد من أكبر المشاريع التي اضطلع بإنجازها المكتب الهندسي الخاص وأكثرها نفعا للمجتمع، بتصميمه المستوحى من فن العمارة القطرية التاريخية يُعد معلما من معالم الدوحة البارزة، وواحدا من أكبر المشاريع وأكثرها نفعا للمجتمع كمقصد للعبادة والتعلم، ففعالياته وأنشطته مستمرة للتعريف بالدين الإسلامي ونشر قيمه وتعاليمه الصحيحة.
فالجامع بعمارته المتميزة وضع قطر في مصاف الدول الإسلامية الأكثر اهتماما بالتراث والحضارة الإسلامية الأصيلة، فهو منارة إشعاع ديني وثقافي، وصرح إسلامي حضاري من العمارة الإسلامية، وأكبر مساجد دولة قطر من حيث المساحة وأكثرها إقبالا من المصلين، حيث يقع جامع الإمام محمد بن عبدالوهاب، في منطقة الجبيلات إلى الشمال من وسط مدينة الدوحة، ويُعد قبلة يسيرة الوصول لجميع المواطنين والمقيمين وزوار دولة قطر، نظرا لموقعه الجغرافي المناسب وكثرة الطرق المؤدية له، والمسجد يعد أحد أهم وجهات السياحة الدينية لزوار قطر والجماهير خلال بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، خاصة في ظل موقعه الجغرافي المميز، وسهول الوصول إليه من جميع الاتجاهات.
وقد حرصت الجهات المنفذة للجامع على أن يكون بناؤه محافظا على فن العمارة القطرية الأصيلة، الذي يجسد التراث القطري في بساطته ورونقه، والمعروف أن بناء جامع الإمام جاء على شكل وطريقة جامع بوالقبيب الموجود في منطقة السوق بجوار شارع حمد الكبير، وقد بنى الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني – رحمه الله - مؤسس قطر جامع بوالقبيب في ثواب والده، حيث تبلغ المساحة الإجمالية لجامع الإمام نحو 175 ألف متر مربع، ويقع في منطقة الجبيلات إلى الشمال من وسط مدينة الدوحة، ويطل بواجهته الغربية على نادي قطر، وقد بدأت الأعمال الإنشائية لجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب أواخر عام 2006، وافتتحه صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ـ حفظه الله، في 16 ديسمبر 2011، بحضور جمع كبير من مسؤولي الدولة وممثلي البعثات الدبلوماسية وكبار الشخصيات الإسلامية، وعدد غفير من المواطنين والمقيمين.