ارتفع نحيب النسوة في بيت عمتي، فقد جاء ابنها أحمد لوداعها للالتحاق بالقوة العربية التي تم تشكيلها لمواجهة عبد الكريم قاسم الذي طالب بضم الكويت إلى العراق في مؤتمر صحفي عقده بعد أسبوع من إعلان الكويت استقلالها  في 19 يونيو 1961.
كان أبو الدستور ورائد الديمقراطية الكويتية الشيخ عبد الله السالم-  طيب الله ثراه- هو من يحكم الكويت ويومها قال مقولته المشهورة حين خرج  الكويتيون مطالبين الشيخ عبدالله السالم بالسلاح، لمحاربة عبدالكريم قاسم فأطل من قصر السيف وقال لهم: لماذا السلاح فهتفوا:  لمحاربة العراق.
قال لهم أتحاربون أخوتكم وأخوالكم وأبناء أخواتكم؟ حدود العراق هي ساحة الصفاة. وحدودنا بغداد.
ستتدخل الدول العربية ولن تراق قطرة دم. تدخلت الدول العربية ولم تراق قطرة دم واحدة.
كان يومها هناك أمة عربية استطاعت في اقل من أسبوع ان تجمع قوة وترسلها إلى الكويت لمنع إراقة الدم وأقامت القوة العربية في الجهراء اقرب مدينة حينها من الحدود العراقية  فقد تشكلت القوة من الجمهورية العربية المتحدة والأردن والسودان.
1- القوة السعودية: تتكون من 1281 جندياً (كتيبة مشاة 785 جندياً + كتيبة مدرعة 496 جندياً + سرية مدفعية ميدان «6 مدافع 105مم» + وحدات خدمات فنية).
2- القوة الأردنية: تتكون من 785 جندياً (كتيبة مشاة + فصيل مدفعية مضادّة للطائرات «6 مدافع 40مم» + وحدة خدمات طبية).
3- القوة السودانية: تتكون من 112 جندياً (سرية مشاة).
4- قوة الجمهورية العربية المتحدة: تتكون من 159 جندياً، (سرية مهندسين عسكريين + سرية إشارة + وحدة سكرتارية عسكرية).
في 28 سبتمبر انفصلت سوريا عن الجمهورية العربية فسحبت مصر قواتها من الكويت في 12 أكتوبر.
والقوة البريطانية والتي حضرت إلى الكويت بموجب اتفاقية حماية  كانت خمسة آلاف جندي واستقرت في الأحمدي لحماية آبار النفط فهذا ما يهمهم من عالمنا العربي.
وقع الانقلاب في العراق وتسلم عبد السلام عارف الجميلي الحكم كأول رئيس للجمهورية العراقية الحديثة.. وهنا  سحبت الدول العربية قواتها إلا أن بريطانيا قررت البقاء في الأحمدي فاستدعى وجهاء الكويت وطلب منهم الرأي فقالوا له افعل ما تراه في مصلحة الكويت ونحن نرى طرد القوة البريطانية فائقة الحماية الموقعة عام 1899 ألغت بتاريخ 19 يونيو 1961  فاتصل المغفور له عبد الله السالم بالرئيس المصري عبد الناصر فقال له عبد الناصر لن ترحل القوات العربية قبل رحيل البريطانية فقرر أمير الكويت طرد القوات البريطانية ولكن بطريقة دبلوماسية وذكية حتى لا يدخل في مواجهة مع المملكة العظمى، فاستدعى قائد القوة ومساعديه وطلب تجريدهم  من  مسدساتهم  قبل الدخول إليه، فأبلغه بقرار الرحيل قائلا. إن قواتنا العربية لا زالت في الجهراء ولا نريد أن ندخل في مواجهة عربية بريطانية  فارحل  والدبابات والآليات الموجودة سداد لمبلغ 600 مليون مدانة بها بريطانيا للكويت... طلب قائد القوة البريطانية الاتصال بلندن فقالوا له تتصل به من مطار هيثرو  وأرسلوه إلى المطار مع مساعديه وغادر.
كان هناك أمة عربية لا تسمح بإراقة  قطرة دم عربي واحدة.
غابت الأمة فيفتح دماؤنا على المذابح من دمشق إلى القاهرة 
نبضة أخيرة
حين تغيبين يغرق الكون في الظلم

بقلم : سمير البرغوثي