جلس على «ربوة» تطل على حديقة مدرسة ثانوية للبنات يردد اغنية للمطرب السوري السابق «فهد بلان» تقول:
«جيت ألعب مع البيضْ ما لعبن
قالـوا لي وقـتـك راح ومـا تعذرن»
كان ذلك الرجل في السبعين من عمره عندما بدأ عصر التلفاز.. واطلت سميرة توفيق تملأ الشاشة، بشعرها الأسود المنساب على كتفيها وبعينيها المفتوحتين إلى آخر مدى والمحددتين بكحل إلهي.. وبشفتيها الكرمزيتين.. وهام الرجل بالمطربة سميرة وطلق في ذاكرته «الشحرورة» وشادية، ونجاة الصغيرة، اللواتي عشقهن مع بداية عصر «الترانزستور».
قلت له: لا تحزن يا عم، فلكل عصر رجاله ونساؤه فقال: نعم غربت شمس شباب كنت منها استمد، وكل وصل يبذل اليوم لمثلي هو صد، ولا اجد لمن يسألني عن سنوات العمر رد، ولكن ما لقلبي كلما شاهد عينيها.. يلبي.. قلت: رغبة منك في الامساك بذيول العصر.

بعد أن ارتفعت فاتورة هاتفي الشهري لانني لا زلت اجهل كيف اتعامل مع العروض قال لي ولدي.. عليك ان تتعامل مع الجوال بطريقة العصر.. فانا لا ادفع سوى ما احدده شهريا وفق عرض من الشركة الخادم وليس كما فاتورتك الشهرية التي تسحب منك النت
سألت: كيف؟! فقال: لا تقلق أعطني جهازك ولن تدفع الا ما تحتاجه فعلا فهذا عصرنا.. ونعرف كيف نتعامل معه وبعد أن نظم عرضا لا يسمح للشركة الخادمة أن تحاسبني الا وفق العرض الذي يلبي احتياجاتي، فأمسكت بالجوال
وقلت: جيت العب مع شاشات
الجوالات ما لعبن.
قالولي وقتك راح وما تعذرن
فالتكنولوجيا.. اصبحت جد.. وقضاء لا يرد.. اريد ان اعرف كيف أسرع «المودم» وحجم «الجيجا» وكيف احارب «الفيروسات» وكيف أقاوم معارك «الكيلو بايت» بل وكيف انتصر على «الهاكرز».
اقفلت بابي.. وتصفحت كتابي. فاطمأننت اني قادر على ان امارس اللعبة من جديد مع «الجوالات» البيض والسمر والشقر والصفر.. ولكن الذي وجدت نفسي عاجزا عن مجاراته، هو اللعب في ملعب (عربو وداعشو، وعربو- أميركو ) فهي معادلة صعب علي افهمها.. اميركا ضد داعش والعرب ضد داعش..اميركا ضد إيران وإيران مع العراق والعراق ضد داعش، انه عصر ليـس عصري.. وستسقط كل دفاعاتي.
نبضة أخيرة
قطرات من الحب تحول الفاشل إلى عبقري والجاهل إلى عالم!!
بقلم : سمير البرغوثي