من صدمة إلى أخرى يعيش العالم والغرب منه بشكل خاص على وقع أعنف الصفعات في تاريخ الرياضة الأشهر عالميا. لقد انتصرت قطر بتنظيم أسطوري وتاريخي لأول كأس عربية مفندة كل الأكاذيب والأراجيف والحملات الإعلامية المغرضة التي طالتها، ثم حطمت السعودية أسطورة الأرجنتين، التي لا تهزم لترسم أول فوز لفريق عربي في مونديال قطر 2022.
الحدثان على قدر كبير من الأهمية رغم ضخامة الإنجاز القطري بالنسبة للدولة ولما حف بسياق البطولة العالمية من نقد وتجريح؛ بهدف منعها من تنظيم أول كأس عربية، لكن الملاحظ أنه مع انطلاق الكأس ووصول الوفود العالمية تراجعت الهجمة الإعلامية بشكل ملحوظ لسبب أساسي تمثل في تعبير الضيوف فرقا ووفودا وجماهير عن انبهارهم مما وجودوه في الدوحة من حفاوة الاستقبال وحسن التنظيم واستتباب الأمن، فبين ما روج له الإعلام الغربي طوال عشر سنوات من حملات عنصرية وإعلامية لتشويه الدولة المضيفة، ومن ورائها العرب والمسلمون جاء الحدث التنظيمي لينسف كل الأراجيف في لمح البصر.
لم يكن حفل الافتتاح إلا جولة أخرى من جولات نجاح الكأس بوضع بصمات عربية إسلامية على حفل عالمي على أرض قطر، وهو الأمر الذي جلب انتباه المنصات الإعلامية الغربية التي وصفت الحفل بأنه كان ناجحا وفي مستوى الحدث العالمي. نجحت قطر كذلك في وضع صورة إنسانية عظيمة عبر شخصية الشاب «غانم المفتاح» من أصحاب الههم الذي أرسل إلى العالم رسالة نبيلة برهنت على رقي الشعب القطري ونبل أخلاقه وصلابة انتمائه في تربته وهويته وثقافته وتاريخه، من جهته حقق فريق السعودية صدمة كبيرة لمن راهن على خسارته وعلى خسارة الفرق العربية وأن حضورهم في كأس العالم حضور صوري، خاصة وأن اللاعب الأشهر عالميا ميسي كان حاضرا في المباراة وعاجزا عن تحقيق أي فارق لصالح فريقه أمام الفريق السعودي.
كسر القطريون حاجز التنظيم وحاجز القدرة على التنظيم بأرقى المعايير العالمية، وكسر السعوديون عقدة الهزيمة العربية أمام الفريق المرشح للظفر بالكأس، وهو ما يجعل رمزية الكأس تفوق كل توقعات المشككين.بناء على ما تقدم يكون العرب قد حققوا انتصارا عظيما بأول كأس عربية غيرت كل التصورات والرؤى التي صنعها الغرب عنهم طيلة قرون من الزمان، وحققوا كما قال أحدهم كل ما عجزت عنه جامعة الدول العربية وجيوشها المجيشة. هكذا تكون القوة الناعمة التي اختارتها قطر لتحقيق رؤيتها لنفسها وللأمة، قد انتصرت وحولت العرب من مجال المفعول به والمتفرج إلى موقع الفاعل المنتصر وهو أمر سيكون له ما بعده.
محمد هنيد أستاذ محاضر بجامعة السوربون