bin.saeeda@hotmail.comفي العام 1967، وفي ملعب كرة القدم الرئيسي في كولومبيا، لم يكن هناك متسع لرأس دبوس، كان الملعب مزدحماً، إنها المباراة النهائية بين أشهر فريقين في البلاد؛ ميوناريوس وسانتافيه.
وفي اللحظة الأخيرة من المباراة التي كانت تشير إلى التعادل وقع «عمر ديفاني» مهاجم سانتافيه في منطقة الجزاء دون أن يلمسه أحد! أشار الحكم إلى ركلة جزاء! وقف «عمر ديفاني» في مواجهة حارس المرمى، وكان يرى أمامه فوزاً ملوثاً بالغش، لقد رأى أنه لا يمكن له أن يتحمل هذه الكارثة الأخلاقية طوال عمره، فلم يُسدد الكرة خارج المرمى فقط، وإنما سددها نحو خط التماس، معلناً أنه لا يمكن أن يقبل بفوز رخيص!
هذا الفعل الشجاع تسبب له بكارثة، أنهت حياته الكروية، ولكنه قال فيما بعد: لستُ نادماً أبداً، أنا أقف كل صباحٍ بفخرٍ أمام المرآة!
لطالما وقعت الأخطاء التحكيمية داخل المستطيل الأخضر، وكلنا شاهدنا كم من الفرق خرجت من منافساتٍ بسبب هذه الأخطاء، وأخرى صعدت إلى منصات التتويج بهذه الأخطاء أيضاً، وصحيح أن مارادونا كان معجزة كروية، إلا أنه سجل هدفاً في النهائي بيده!
وحتى بعد أن أقرتْ الفيفا تقنية «الفار» أدى هذا إلى الحد من الأخطاء التحكيمية، ولكنه لم يقضِ عليها بالكُليَّة، وعلى المستوى الشخصي كنتُ وما زلتُ أرى أنَّ هذه الأخطاء هي جزء من اللعبة، بل هي بالأحرى جزء من الحياة عموماً! فليس في ملاعب كرة القدم فقط يُظلمُ المتنافسون، ولا في ميادينها فقط يأخذ أحدهم شيئاً ليس له!
وكرة القدم وإن كانت نهاية المطاف لعبة، إلا أن مواقف النزاهة فيها شيء محترم، وتُرفع له القبعة!
كان بإمكان «عمر ديفاني» أن يسجل هدفاً من ركلة جزاء جائرة، نهاية المطاف هذا قرار الحكم وليس قراره، وقد سجل لاعبون كثر أهدافاً من ضربا جزاءٍ جائرة! ولكن اللاعبين نهاية المطاف بشر مثلنا جميعاً، تختلفُ نظراتهم إلى الأمور، وإلى أنفسهم أيضاً، وصحيح أن الجميع نهاية المطاف يتذكرون النتيجة وينسون تفاصيل المباريات، إلا أن النزاهة في اللعب شيء يجب أن يُشاد به، والإنسان الذي يرفضُ فوزاً بالغش ويُفضِّل الخسارة عليها، هو إنسان فائز مهما قالت نتيجة المباريات عكس ذلك، ليس هناك فوز أكبر من أن يربح المرءُ نفسه!