تترقب الجماهير على أحرّ من الجمر موعد المباراة الثانية للعنابي في رحلته المونديالية من أجل العودة لأجواء البطولة، واللحاق بالركب، ومواكبة النتائج العربية المميزة، حتى تكتمل لها الفرحة بالتنظيم العالمي وأداء العنابي، وكذلك الحال بالنسبة للاعبين فهم يشعرون بالتقصير ويتطلعون للتعويض ومسح المستوى الباهت الذي ظهروا عليه في مباراة الافتتاح.
يشهد استاد الثمامة غدا مواجهة هامة بين بطلي آسيا وإفريقيا، في إطار المجموعة الأولى في نهائيات «كأس العالم FIFA قطر 2022».
منتخبنا الوطني يدخل المباراة بعد إخفاقه أمام الإكوادور في مباراة مخيبة، كما يدخل منتخب السنغال وفي جعبته هو الآخر خسارة مشابهة أمام منتخب هولندا بنتيجة (صفر/ 2).
شعار مباراة الغد بين «الأدعم» و«أسود التيرانغا» لا بديل عن الفوز، من أجل إبقاء الآمال للتأهل إلى ثُمن النهائي، لذلك نتوقع مباراة قوية وقتالية سوف تحدد مصير المنتخبين معا.
بالنسبة لمنتخبنا تجاوز محطة الافتتاح المحبطة، وواصل حصصه التدريبية على ملاعب أسباير زون، بقيادة المدرب الإسباني فيليكس سانشيز ونتوقع أن يكون قد تم التركيز على معالجة الأخطاء التي ظهرت خلال مواجهة الإكوادور، فقد اجتمع سانشيز باللاعبين قبيل انطلاق المران، وأكد لهم ضرورة فتح صفحة جديدة وطي ما حدث والعمل على تقديم العرض المأمول في مواجهة بطل إفريقيا، من أجل المحافظة على الأمل في بلوغ ثمن النهائي.
مطلبنا جميعا أن يؤدي «العنابي» مباراة قوية، بأداء بطولي، وروح قتالية، والنتيجة بعد ذلك ستكون مقبولة، لأن ما أحبطنا في المباراة السابقة ليس خسارته فحسب، وإنما الأداء الباهت الذي لم يعبر عن مستواه الحقيقي على الإطلاق.
لقد بدا في تلك المباراة مفككاً تائهاً في أرض الملعب، ونأمل أن تشهد مباراة الغد «عودة الروح» للمنتخب، من أجل تقديم مباراة تسعد جماهيره، وتكمل مسلسل النتائج العربية والآسيوية المميزة.
وكذلك الحال بالنسبة للجماهير القطرية الوفية التي تحرص على دعم العنابي في كل الأوقات وجميع الظروف، وهي عليها أيضا دور مهم، غير الحضور، وهو التشجيع القوي والمؤثر والمنظم وتقديم الدعم المعنوي طيلة الـ«90» دقيقة.. فلا يعقل أن يكون تشجيع جمهور الخصم يصل للملعب أكثر من جمهور الدولة المستضيفة.. فالجمهور عليه واجب تحفيز اللاعبين وتشجيعهم، وهذا كذلك يؤثر سلباً في الفريق المنافس ويربك خططه ومعنوياته.
كرة القدم علاقة عميقة وقوية وملهمة بين اللاعبين والمشجعين، ويوم غد الجمعة مناسبة لنثبت قدرة مشجعينا، وفرصة ليثبت «الأدعم» قدراته ويعود للمستوى الذي عهدناه، فهوس التشجيع موجود أينما وجدت كرة القدم، في العالم بأسره، وهو جزء من اللعبة لا تكتمل جمالياتها بدونه، لأن كرة القدم تدور حول الهوية والارتباط والعاطفة والتاريخ والإثارة، وهذه كلها عوامل يتشاطرها الجميع.
حكام قطر يتألقون
مباراة منتخب الولايات المتحدة الأميركية وويلز يوم الاثنين الماضي، ضمن مباريات الجولة الأولى في دور المجموعات، أدارها طاقم تحكيم قطري مكون من عبدالرحمن الجاسم، طالب المري وسعود أحمد، بالإضافة إلى عبدالله العذبة حكم فيديو، وقد تمكنوا من إدارة المباراة بصورة رائعة، أكدت على قدرات حكامنا وتمكنهم، ووجود طاقم تحكيم قطري بالكامل يؤكد على المستوى الكبير لحكامنا الذين أداروا مباراة أميركا وويلز بكفاءة واقتدار، إذ اتسم التحكيم بالنزاهة والكفاءة، والأخلاقيات الطيبة في التعامل والثقة بالنفس، بالإضافة إلى تمتعهم بمهارات التواصل والمساواة في القرارات والشجاعة والحسم، وكلها من صفات الحكم الجيد، بل المثالي، وإذا كان حلم أي لاعب أن يشارك في كأس العالم، فإن حلم أي حكم أيضا المشاركة في المونديال، وحكامنا كانوا على قدر الآمال المعلقة عليهم، فتحية تقدير لهم.
كرنفال عالمي
تزينت قطر لاستقبال بطولة كأس العالم لكرة القدم، وانتشرت صور نجوم العالم على واجهات الأبراج، إضافة إلى أعلام الدول المشاركة، كما تزينت حدائقنا وساحاتنا وشوارعنا بمجسمات فنية عكست الشغف بكرة القدم، في مشهد فني رائع، لكن ذلك ليس كل القصة، إذ شهدت مناطق المشجعين كرنفالات حقيقية رائعة أبهرت الزوار والمشجعين الذين يمضون أجمل الأوقات حتى ساعات متأخرة من الليل، كما هو الحال بالنسبة لحديقة البدع والكورنيش ومؤسسة الحي الثقافي «كتارا»، التي تقدم تجارب لا تنسى ضمن أنشطة فنون الشارع، يقف وراء كل ذلك جنود أوفياء خططوا لكل شيء بدقة لتقديم تجارب لا تنسى لجميع الزوار والمشجعين، وما شهدناه لم نعهده في أي نسخة سابقة، فتحية تقدير لكل من ساهم في تحويل قطر إلى كرنفال فني وثقافي حقيقي أسعد الحضور، ومنحهم أوقاتا تبقى في الذاكرة لعقود من الزمن.
نقطة للمغرب
بالأمس تعادل المنتخب المغربي لكرة القدم مع نظيره الكرواتي سلباً في اللقاء الذي جرى بينهما على استاد البيت بمستهل مشوار المنتخبين لحساب المجموعة السادسة، التي تضم أيضاً المنتخبين البلجيكي والكندي.
المنتخب المغربي قدم عرضاً طيباً وكان الأفضل أغلب فترات المباراة، لكنه لم يتمكن من ترجمة هذا الأداء إلى أهداف، كان أداؤه حماسيا أسعدنا بمباراة جميلة، تمنياتنا له بالتوفيق في اللقاء المقبل أمام بلجيكا.
العرب على أرضهم
وليد الركراكي مدرب المنتخب المغربي قال إن منتخب بلاده خاض مواجهة المنتخب الكرواتي وكأنه يلعب على أرضه، وهو خرج بهذا الانطباع بسبب المؤازرة التي لقيها «أسود الأطلس»، ليس من الجمهور المغربي وحده، وإنما من الجماهير العربية الغفيرة التي حضرت المباراة، وعندما قالت قطر إنه مونديال كل العرب، فقد تحقق هذا الأمر، حيث توحدت المشاعر، سواء داخل المدرجات أو في مناطق المشجعين، وهذه من الأهداف السامية لقطر التي ترجمت في أجمل صورة.
آخر نقطة..
فجر المنتخب الياباني مفاجأة من العيار الثقيل في مستهل مشواره بفوزه على نظيره الألماني بهدفين لهدف في المباراة التي جمعتهما أمس ضمن الجولة الأولى لمنافسات المجموعة الخامسة.
الفوز الياباني مستحق، وقبله السعودي على الأرجنتين، وهو يحيي الأمل في إعادة النظر بعدد الفرق الآسيوية التي يحق لها الترشح لنهائيات كأس العالم، وما حدث للفريق الألماني - الذي كان يفكر في مكان احتفاله بكأس البطولة وهل سيكون في قطر أو خارجها - يشير إلى أننا في بداية عصر جديد لكرة القدم، سوف يشهد سقوط «امبراطوريات» وصعود أخرى.. ويبدو أن المانشافت الذي بدأ المباراة «مغلقاً فمه» ترك مرماه «مفتوح» فزادت عليه الهموم والجروح.. وهذه نهاية التشتت الذهني وعدم التركيز والدخول في معارك جانبية لا علاقة لها بكرة القدم، فأصبحوا يدافعون عن عدة ألوان، وغفلوا عن ألوان منتخب بلادهم!!
محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول