أول مثال تلقته أذني كان من والدتي - رحمها الله - عندما «شاط» الأرز في طبخة عرس شقيقتي، حيث قالت وهي مسرعة إلى المطبخ الذي أقيم على عجل في فناء المنزل «اذا كَثُر الطباخون خِربتْ الطبخة» حيث فشلت محاولاتها في انقاذ الارز الذي احترق بعد ان اركنت كل طباخة على الاخرى.. والطباخات نساء من اسرتي تدافعن لمساعدة «أم العروس» التي تحب ان تعتمد على ذاتها في اعداد الطبيخ في اجمل يوم في حياتها يوم عرس احدى بناتها.
أما لماذا خربت الطبخة.. فاحدى النسوة اشعلت النيران، والاخرى رفعت قوة النار، والثالثة خفضتها، والرابعة زادتها وخامسة أغفلت وضع الماء، وسادسة اضافت ملحا، ومن ثم ذهبن «للحش» في العريس والعروس.فاحدى قريباتها تقول: اسمر نحيف ومطعوج والله «ما بستاهلها» وثانية تقول ما بتناسبه جاه وعز ومال، وثالثة ورابعة وهو الكلام الذي لم يرق لوالدتي فصرخت بمثلها في وجوههن لتفرقهن من مجلس الحش، وبعد ان وجدت لا فائدة في الارز قالت: ما ينفع الصوت اذا فات الفوت.
يستيقظ المثلان في الذاكرة وانا اعد الدول العربية التي تنافخت من اجل فلسطين، 21 طباخا ففشلت طبختهم أول مرة عام 1948 وعام 1956 وعام 1967 واستمر الفشل..لوجود ايضا الشيف الاميركي والبريطاني والأمم المتحدة..ومئات الطباخين، الذين لا يجيدون فن الطبخ، فشاطت الطبخة الفلسطينية وتم نقلها من موقد بحجر واحد إلى موقد بثلاثة أحجار، إلى موقد بـ «6» إلى آخر بـ «22» موقدا، وها هي لا تستطيع الوقوف على 100 حجر، فكل طباخ يجذب إلى جانبه القدر.
ولم يستفد الفلسطينيون من تجربة اليهود الذين يعتمدون على طباخ واحد في كل طبخاتهم فكان الطباخ البريطاني، ثم الطباخ الفرنسي واخيرا الطباخ الاميركي، واذا فشل سيذهبون إلى الطباخ الصيني فهم يدققون جيدا في اختيار طباخ واحد اكثر كفاءة واذا وجدوا ان الطباخ الاميركي سوف يشرك معه الطباخ الاوروبي في طبخه «الطريق» سيلجأون إلى طباخ آخر، يفسد الطبخة.
الامثال العربية حكمة، وبطون الكتب العربية مليئة بها، وليس مهما ان نقرأ هذه الحكم ونلقي بها في سلة مهملات الذاكرة، فالعبرة في الاستفادة منها، والعمل بموجبها.. فهل نفعل؟
نبضة اخيرة
ضع راسك على صدر الوطن واغمض عينيك حتى ترى الوطن.. فليس هناك أمان الا في الوطن..
بقلم : سمير البرغوثي
أما لماذا خربت الطبخة.. فاحدى النسوة اشعلت النيران، والاخرى رفعت قوة النار، والثالثة خفضتها، والرابعة زادتها وخامسة أغفلت وضع الماء، وسادسة اضافت ملحا، ومن ثم ذهبن «للحش» في العريس والعروس.فاحدى قريباتها تقول: اسمر نحيف ومطعوج والله «ما بستاهلها» وثانية تقول ما بتناسبه جاه وعز ومال، وثالثة ورابعة وهو الكلام الذي لم يرق لوالدتي فصرخت بمثلها في وجوههن لتفرقهن من مجلس الحش، وبعد ان وجدت لا فائدة في الارز قالت: ما ينفع الصوت اذا فات الفوت.
يستيقظ المثلان في الذاكرة وانا اعد الدول العربية التي تنافخت من اجل فلسطين، 21 طباخا ففشلت طبختهم أول مرة عام 1948 وعام 1956 وعام 1967 واستمر الفشل..لوجود ايضا الشيف الاميركي والبريطاني والأمم المتحدة..ومئات الطباخين، الذين لا يجيدون فن الطبخ، فشاطت الطبخة الفلسطينية وتم نقلها من موقد بحجر واحد إلى موقد بثلاثة أحجار، إلى موقد بـ «6» إلى آخر بـ «22» موقدا، وها هي لا تستطيع الوقوف على 100 حجر، فكل طباخ يجذب إلى جانبه القدر.
ولم يستفد الفلسطينيون من تجربة اليهود الذين يعتمدون على طباخ واحد في كل طبخاتهم فكان الطباخ البريطاني، ثم الطباخ الفرنسي واخيرا الطباخ الاميركي، واذا فشل سيذهبون إلى الطباخ الصيني فهم يدققون جيدا في اختيار طباخ واحد اكثر كفاءة واذا وجدوا ان الطباخ الاميركي سوف يشرك معه الطباخ الاوروبي في طبخه «الطريق» سيلجأون إلى طباخ آخر، يفسد الطبخة.
الامثال العربية حكمة، وبطون الكتب العربية مليئة بها، وليس مهما ان نقرأ هذه الحكم ونلقي بها في سلة مهملات الذاكرة، فالعبرة في الاستفادة منها، والعمل بموجبها.. فهل نفعل؟
نبضة اخيرة
ضع راسك على صدر الوطن واغمض عينيك حتى ترى الوطن.. فليس هناك أمان الا في الوطن..
بقلم : سمير البرغوثي