+ A
A -
أثار الاشتباك الأخير في هجوم أحرار الشام، على الجبهة الشامية التابعة للجيش السوري الحر، وسقوط مدنيين فيه، شجنا أكثرُ عمقاً وإيلاماً، وقبله استمرار التوتر بين جيش الإسلام وبين فيلق الرحمن، الفصيل الأقوى في جنوب دمشق، وكلها مصحوبة باتهامات عنيفة للغاية، رغم تزامن ذلك مع العمليات القوية، والتضحيات الأسطورية، التي يقدمها الثوار فيخترقون حصار حلب، ثم يعود النظام والروس لاحتلالها، بسبب تفرقهم، وغياب سلاح الدفاع الجوي.
لكن فسيفساء الخلافات والصراع الشرس بين الفصائل، وصلت إلى حدٍ محبط، يؤكد بأن لا سبيل لتوحيدهم، ودمجهم في الجيش السوري الحر، وأنّ هناك عوائق ذاتية إضافة إلى اختراق جبهة النصرة لمنظومتهم، والمرجعية القادمة من الخليج بينهم، ولم تَحسم نزاعاتهم ما يُطلقون عليه محاكم شرعية، وهذا إطلاق خطير بدلا من مسمى لجنة تسويات لأنه ينسب انحيازهم الواضح وصراعهم التضليلي أو الفصائلي إلى الشرع المطهر، البريء من مصالحهم وأيدولوجياتهم الخاصة، ولا يزال هناك إجماع فصائلي على أن أثر التدخل الخارجي، وتمويل الفصائل من أنظمة متعددة، ضرَب الميدان إلى مستوى يصعب إعادته إن لم يستحل، وأصبح كل فصيل جمهورية لأمير الحرب وأيدولوجيته، يتأول في التمسك به حتى تصفية آخر فصيل مقاوم، وربما آخر مدني في حلب، وغيرها.
وهذا التعليل كما ذكرت، تُجمع عليه الفصائل وحتى النصرة، في صراعاتها الدينية الشرسة مع جيش الإسلام، بعد خلاف السلفية الحركية في الخليج والسلفية الجهادية، فترى أن تمويل جيش الإسلام هو السبب، رغم أن نمو النصرة وداعش لم يكن ليتحقق، لولا فتح باب فتوى التأييد والدعم المادي من ذات المشيخات، والتداخل الإقليمي معه، فيما وظفت النصرة بنجاح، جهود جند الأقصى لإضعاف احرار الشام لصالحها، بعد اغتيال نخبة من قادتها.
عُدتُ بعمق لقراءة تلك الرسائل الشفوية، أو على وسم الوجوه، التي تتأمل مشفقة في دعواتي السابقة والحاحي، على ضم الفصائل في الجيش الحر، كمخرج ميداني أخير، لتوحيد أكبر جسم ممكن من ثوار الداخل، فحديث تلك الوجوه كان يهمس لي، الخرق أكبر من الرقعة أبا عبد العزيز، فالقوم تمكّن منهم السرطان، منذ أن فقدت الثورة استقلالها وأصبح لها عشرات الموجهين، والمرشدين. لم يكن هذا الأمر خافياً علي، ولكني كنت أرجو أن يتم تدارك الوضع، وخاصة بعد درع الفرات، الذي لو تحول الجسم المشارك فيه إلى كتلة مندمجة في الجيش السوري الحر، فبإمكانه تغيير قواعد اللعبة مع الروس، وقد لا يتبنى الأتراك ذلك لكن حين تتغيّر تشكيلة الحر، وهيكلته سيتغيّر التعاطي، لكن يبدو أن الامر بالفعل أعقد من ذلك بكثير، وأن فكرة إدمان الصراع تنفجر اليوم في ربع الساعة الأخير.
لستُ في صدد الدفاع عن موقف انقرة فيعرف الأشقاء موقفي، والذي اعتبرتُ به ترك أنقرة لأمواج التمويل، دون تدخل تنفيذي لحمل الثوار على الوحدة، كان خطأً، هم يسددون ضريبته إضافة لمأساة لشعب السوري، لكنني أفهم اليوم اعتماد الاتراك على من حضر في درع الفرات، للوصول إلى منبج.
وحديث خواطرهم، مادامت الثورة ستُسحق والشعب يواصَل ابادته، فلنحقق مشروعنا القومي، لردع المخاطر عن حدودنا، ونخلق متنفساً للشعب والثورة في هذه المناطق، عند ختام الحرب النازية على شعب سوريا.
وهنا أكشف عن حديث خطير حدثني به العقيد رياض الأسعد، القائد التاريخي للجيش السوري الحر، يقول العقيد الأسعد أنني حين أدركتُ ان الثورة تُختطف من الميدان، بعد تدخل دولي شاركت فيه بعض المعارضة، والأخطر تمكن المال الخليجي، في 2012، التقيت ببعض علماء سوريا، وقلت لهم فلنوقف العمل العسكري للثورة. قالوا كيف، قال ستذهب الثورة من أيدينا، وانا سأتحمل لعنات الناس والتخوين، المهم أن يسلم الشعب وتحافظ الثورة على استقلالها، فأحيلوا الإعلان لي، رفض المشايخ مشاركته بتحمل المسؤولية، ولستُ أزعم قدرتهم على ذلك رغم لوم العقيد الأسعد الشديد لهم، لأني أعرف أن ولاء الفصائل لمشايخ الدين بالخليج وتمويلهم، فوق ولائهم لعلماء الشام، سلفيين أو مستقلين، لكن الحصيلة النهائية، تثبت صحة نظريته، ولم يبق إلا بصيص أمل ليس له من دون الله كاشف.
بقلم : مهنا الحبيل
لكن فسيفساء الخلافات والصراع الشرس بين الفصائل، وصلت إلى حدٍ محبط، يؤكد بأن لا سبيل لتوحيدهم، ودمجهم في الجيش السوري الحر، وأنّ هناك عوائق ذاتية إضافة إلى اختراق جبهة النصرة لمنظومتهم، والمرجعية القادمة من الخليج بينهم، ولم تَحسم نزاعاتهم ما يُطلقون عليه محاكم شرعية، وهذا إطلاق خطير بدلا من مسمى لجنة تسويات لأنه ينسب انحيازهم الواضح وصراعهم التضليلي أو الفصائلي إلى الشرع المطهر، البريء من مصالحهم وأيدولوجياتهم الخاصة، ولا يزال هناك إجماع فصائلي على أن أثر التدخل الخارجي، وتمويل الفصائل من أنظمة متعددة، ضرَب الميدان إلى مستوى يصعب إعادته إن لم يستحل، وأصبح كل فصيل جمهورية لأمير الحرب وأيدولوجيته، يتأول في التمسك به حتى تصفية آخر فصيل مقاوم، وربما آخر مدني في حلب، وغيرها.
وهذا التعليل كما ذكرت، تُجمع عليه الفصائل وحتى النصرة، في صراعاتها الدينية الشرسة مع جيش الإسلام، بعد خلاف السلفية الحركية في الخليج والسلفية الجهادية، فترى أن تمويل جيش الإسلام هو السبب، رغم أن نمو النصرة وداعش لم يكن ليتحقق، لولا فتح باب فتوى التأييد والدعم المادي من ذات المشيخات، والتداخل الإقليمي معه، فيما وظفت النصرة بنجاح، جهود جند الأقصى لإضعاف احرار الشام لصالحها، بعد اغتيال نخبة من قادتها.
عُدتُ بعمق لقراءة تلك الرسائل الشفوية، أو على وسم الوجوه، التي تتأمل مشفقة في دعواتي السابقة والحاحي، على ضم الفصائل في الجيش الحر، كمخرج ميداني أخير، لتوحيد أكبر جسم ممكن من ثوار الداخل، فحديث تلك الوجوه كان يهمس لي، الخرق أكبر من الرقعة أبا عبد العزيز، فالقوم تمكّن منهم السرطان، منذ أن فقدت الثورة استقلالها وأصبح لها عشرات الموجهين، والمرشدين. لم يكن هذا الأمر خافياً علي، ولكني كنت أرجو أن يتم تدارك الوضع، وخاصة بعد درع الفرات، الذي لو تحول الجسم المشارك فيه إلى كتلة مندمجة في الجيش السوري الحر، فبإمكانه تغيير قواعد اللعبة مع الروس، وقد لا يتبنى الأتراك ذلك لكن حين تتغيّر تشكيلة الحر، وهيكلته سيتغيّر التعاطي، لكن يبدو أن الامر بالفعل أعقد من ذلك بكثير، وأن فكرة إدمان الصراع تنفجر اليوم في ربع الساعة الأخير.
لستُ في صدد الدفاع عن موقف انقرة فيعرف الأشقاء موقفي، والذي اعتبرتُ به ترك أنقرة لأمواج التمويل، دون تدخل تنفيذي لحمل الثوار على الوحدة، كان خطأً، هم يسددون ضريبته إضافة لمأساة لشعب السوري، لكنني أفهم اليوم اعتماد الاتراك على من حضر في درع الفرات، للوصول إلى منبج.
وحديث خواطرهم، مادامت الثورة ستُسحق والشعب يواصَل ابادته، فلنحقق مشروعنا القومي، لردع المخاطر عن حدودنا، ونخلق متنفساً للشعب والثورة في هذه المناطق، عند ختام الحرب النازية على شعب سوريا.
وهنا أكشف عن حديث خطير حدثني به العقيد رياض الأسعد، القائد التاريخي للجيش السوري الحر، يقول العقيد الأسعد أنني حين أدركتُ ان الثورة تُختطف من الميدان، بعد تدخل دولي شاركت فيه بعض المعارضة، والأخطر تمكن المال الخليجي، في 2012، التقيت ببعض علماء سوريا، وقلت لهم فلنوقف العمل العسكري للثورة. قالوا كيف، قال ستذهب الثورة من أيدينا، وانا سأتحمل لعنات الناس والتخوين، المهم أن يسلم الشعب وتحافظ الثورة على استقلالها، فأحيلوا الإعلان لي، رفض المشايخ مشاركته بتحمل المسؤولية، ولستُ أزعم قدرتهم على ذلك رغم لوم العقيد الأسعد الشديد لهم، لأني أعرف أن ولاء الفصائل لمشايخ الدين بالخليج وتمويلهم، فوق ولائهم لعلماء الشام، سلفيين أو مستقلين، لكن الحصيلة النهائية، تثبت صحة نظريته، ولم يبق إلا بصيص أمل ليس له من دون الله كاشف.
بقلم : مهنا الحبيل