مدفوعون بلاعبٍ قلَّ نظيره في التاريخ اسمه سُقراط، كان يحظى بقدر كبيرٍ من المحبة، اقتحمَ لاعبو فريق «كورينثيانز» البرازيلي مقرَّ ناديهم في ثورة على فساد الإدارة!
أمر غريب وغير مألوف في كرة القدم، اللاعبون يقررون كل شيءٍ فيما بينهم، وبالنقاش والتصويت!
ناقشوا خطة سير العمل، اسم المدرب، تحسين الملعب، حافلات الجماهير، وحتى توزيع النقود الفائضة على المجتمع المحلي في المدينة!
بعد سنتين، استعادَ المسؤولون المبعدون سيطرتهم على النادي بحكم القانون! خلال هاتين السنتين، قدَّم الفريق أجمل وأجرأ كرة قدم في تاريخ النادي، وفازوا ببطولة البرازيل مرتين متواليتين!
كرة القدم اليوم مزيج من كل شيء، الرياضة والسياسة، والإعلام والفن، الطب والمال، النفوذ والشهرة، وكلما زاد منسوب واحدٍ من هذا المزيج قلَّ الآخر، ولعل كأس العالم كان على مرَّ التاريخ أكثر المناسبات الكروية زخراً بكرة القدم! وهذا برأيي سببه أن اللاعبين لديهم ولاءات لأوطانهم أكثر من ولائهم لأنديتهم! وهذا شيء طبيعي ومفهوم، ولمسناه جميعاً في الأسابيع الأخيرة عندما شاهدنا اللعب الحذر لأكثر اللاعبين خشية الإصابة والابتعاد عن صفوف المنتخب!
اللاعبون أثرياء ولن تضيف إليهم المشاركة مالاً يُذكر، والشهرة مهما بلغت لا تغني عن اللعب للمنتخب، ثمة وطنية دفينة نلحظها جميعاً إذا ما تعلَّقَ الأمر بالمنتخبات!
وعوداً على ذي بدء، أعتقدُ أن أي إدارة ناجحة، في أي مضمار كان، لا بُدَّ أن يشتركَ فيها أولئك المعنيون بها بالدرجة الأولى، أنتَ لا يمكنك أن تُحسِّنَ قانون اللعبة دون رأي اللاعبين، ولا إدخال تعديلات على خطة عمل نادٍ دون الرجوع إلى أعضائه، وعلى مدى عقود كانت تفشل السياسات التربوية لأن الخبراء التربويين أغلبهم لم يدخل الصفوف يوماً، وقضايا الدول النامية كان يناقشها أعضاء من الدول المتقدمة! ببساطة لا يمكنك أن تضع خطة للقضاء على الجوع في مطعم خمس نجوم، دون أن تستدعي جائعاً واحداً لتسمع رأيه!
كرة القدم برأيي -الصائب طبعاً- كانت لتكون أجمل لو اشتركَ اللاعبون في إدارة نواديهم، الشخص الذي يُقدِّم المتعة عليه أن يشترك في ظروف إعدادها، الخياط يأخذ رأي جسدكَ عن طريق أخذ مقاساتك، لا سبيل آخر ليبدو الثوب لائقاً عليكَ، أما إجبارك على ثوب ليس له أبعاد جسدك فسيبدو أقل أناقة بالتأكيد!