في الدرس الأول من اليوم الدراسي الأول من الفصل الدراسي الثاني.. وكانت شتاء، دخل مدرس الحساب الاستاذ عبد الله الحاج حسن إلى الصف السادس الابتدائي في العام 1965.. وقال: لن يكون درسنا في الحساب، وانما في «التخريب»، شدت الكلمة الطلبة الاشقياء، وحدقوا في وجه مدرسهم.. وماذا يريد؟! وانقشعت الدهشة حين طلب المدرس من الطلبة الذين يجلسون إلى جوار «الشبابيك» أن يبدأوا بتكسير الزجاج.. فانصاعوا لأوامر المدرس.. ثم طلب منهم إلقاء محتويات الفصل الخفيفة إلى خارجه.. ففعلوا.. تسرب البرد إلى الفصل.. فبدأوا يرجفون، كان الجو «مثلجا» وصل الخبر إلى إدارة المدرسة.. جاء المدير علي حسن العبد وكان طويل القامة.. فقال: ما هذا؟
رد عليه الاستاذ عبد الله: «درس في التخريب». فالأمة مقبلة على ويلات، ولابد للتلاميذ ان يتعلموا فن التخريب.
حين احتل العراق الكويت في العام 1990 رأيت خريجي ذلك الفصل موجودين ومن مختلف الجنسيات.. فهذا يدخل إلى عمارة فيخلع صنابير المياه، والبانيوهات والاباجورات ومنهم من يخلع «السيراميك» ومنهم من يحمل غرف النوم وما خف وما ثقل.. وسادت الفوضى في أيام الخميس والجمعة والسبت والأحد 2، 3، 4.5 من شهر اغسطس 1990، ونهبت محلات الذهب، ومحلات لعب الأطفال والسوبر ماركت، والسكراب.. وكل بدأ يعمل للحفاظ على أمنه الشخصي.
وللحق أقول.. جاءت قوات «النظام العراقي» المحتل.. وأصدرت القرارات.. بإعدام كل من يسرق، ومنعت التجول.. ولكن التخريب فتح على أبواب أخرى.. واللصوص الذين شاهدناهم في البصرة وفي بغداد، وكركوك والموصل هم أنفسهم جاءوا إلى الكويت واصبحت السرقة منظمة ورأيت رؤوسا تم تعليقها بعد ضبطها متلبسة.. ورأيت شبابا يغادرون إلى بغداد.
أثرياء الحرب الذين ظهروا في عمان تعلموا دروس التخريب من امثال ذلك المدرس.
فنحن أمة تحتاج إلى اعادة صياغة إنسانية وبشرية تبدأ من المرحلة الابتدائية، وان نأتي بمدرسين أصحاب افكار ومبادئ إنسانية وليسوا امثال «مظفر النواب» الذي دعا إلى تعليم الأمة دروس التخريب، ولا امثال فرانكس الساكت عن اعمال التخريب، نحن نحتاج إلى مدرس تمتد جذوره إلى عمر بن عبد العزيز وان يخضع المدرسون الذين يتم اختيارهم في مختلف المراحل لاختبار، يعتمد في الأساس على القرآن، فمن يحفظ القرآن واحاديث الامانة يقبل.. أما من يعتنق مبادئ «النواب» و«عزيز» و«الدوري» والحاج حسن وفرانكس فليرسلوا إلى بلاد تحتاج إلى تخريب، فكفانا في هذا الوطن العربي الحزين تخريبا، فما جرى في بغداد الرشيد ودمشق معاوية من تخريب هو تدمير لثقافة أمة تم التخطيط له مع بدء التخطيط لاعلان الحرب على العراق.. وعلى جامعة الدول العربية ان تتحرك لحماية هذا التراث حتى لا يعم التخريب عالمنا وتسود نظريته في زمن الانفلات الأخلاقي الذي اطلقت واشنطن له العنان.
بقلم : سمير البرغوثي
رد عليه الاستاذ عبد الله: «درس في التخريب». فالأمة مقبلة على ويلات، ولابد للتلاميذ ان يتعلموا فن التخريب.
حين احتل العراق الكويت في العام 1990 رأيت خريجي ذلك الفصل موجودين ومن مختلف الجنسيات.. فهذا يدخل إلى عمارة فيخلع صنابير المياه، والبانيوهات والاباجورات ومنهم من يخلع «السيراميك» ومنهم من يحمل غرف النوم وما خف وما ثقل.. وسادت الفوضى في أيام الخميس والجمعة والسبت والأحد 2، 3، 4.5 من شهر اغسطس 1990، ونهبت محلات الذهب، ومحلات لعب الأطفال والسوبر ماركت، والسكراب.. وكل بدأ يعمل للحفاظ على أمنه الشخصي.
وللحق أقول.. جاءت قوات «النظام العراقي» المحتل.. وأصدرت القرارات.. بإعدام كل من يسرق، ومنعت التجول.. ولكن التخريب فتح على أبواب أخرى.. واللصوص الذين شاهدناهم في البصرة وفي بغداد، وكركوك والموصل هم أنفسهم جاءوا إلى الكويت واصبحت السرقة منظمة ورأيت رؤوسا تم تعليقها بعد ضبطها متلبسة.. ورأيت شبابا يغادرون إلى بغداد.
أثرياء الحرب الذين ظهروا في عمان تعلموا دروس التخريب من امثال ذلك المدرس.
فنحن أمة تحتاج إلى اعادة صياغة إنسانية وبشرية تبدأ من المرحلة الابتدائية، وان نأتي بمدرسين أصحاب افكار ومبادئ إنسانية وليسوا امثال «مظفر النواب» الذي دعا إلى تعليم الأمة دروس التخريب، ولا امثال فرانكس الساكت عن اعمال التخريب، نحن نحتاج إلى مدرس تمتد جذوره إلى عمر بن عبد العزيز وان يخضع المدرسون الذين يتم اختيارهم في مختلف المراحل لاختبار، يعتمد في الأساس على القرآن، فمن يحفظ القرآن واحاديث الامانة يقبل.. أما من يعتنق مبادئ «النواب» و«عزيز» و«الدوري» والحاج حسن وفرانكس فليرسلوا إلى بلاد تحتاج إلى تخريب، فكفانا في هذا الوطن العربي الحزين تخريبا، فما جرى في بغداد الرشيد ودمشق معاوية من تخريب هو تدمير لثقافة أمة تم التخطيط له مع بدء التخطيط لاعلان الحرب على العراق.. وعلى جامعة الدول العربية ان تتحرك لحماية هذا التراث حتى لا يعم التخريب عالمنا وتسود نظريته في زمن الانفلات الأخلاقي الذي اطلقت واشنطن له العنان.
بقلم : سمير البرغوثي