+ A
A -
«الفيديو كليب» موضة الغناء الحديث، وهو حديثي في هذه الزاوية بصفته أمرا تافها بالنسبة لي لكنه مهم بالنسبة لابني وابنك، وابنتي وابنتك..لماذا؟!
سألت طفلة في التاسعة من عمرها: ماذا تفضلين المشاهدة في التلفاز؟ فقالت: الفيديو كليب لأنغام وعمرو دياب، وكاظم الساهر وحكيم، ونوال الزغبي.. سألتها: هل تعرفين عبدالباسط أو السديس؟
سكتت الطفلة وتساءلت: هل لهما أشرطة جديدة؟ قلت: نعم، سألت: «فيديو كليب»؟.. أصبت بالذهول، وقلت لها أشرطة في القرآن الكريم يا شاطرة. أشاحت بوجهها وانصرفت.. ابني وابنك وابنته يستمعون إلى الفيديو كليب ويشاهدون الفضائيات، والهز يا وز، ولكن هل تدخلت أنت أو انا أو هو للطلب منهم بأن يستمعوا إلى «جوامع الكلم» أو حديث في الشأن الاجتماعي أو السياسي أو الاقتصادي.
قلة منا يتدخلون، وقلة منا يبالون وأكثر لا يبالي، وليستمع أبناؤنا لما يشاؤون، وليشاهدوا ما يريدون.
لا أقصد في ذلك أن أحظر على الرأي والفكر لأبنائنا، ولكن ما أقصده أن نتدخل لنغرس في عقولهم أيضا القيم والعادات والتقاليد التي ورثناها نحن الآباء عن أجدادهم، الذين علمونا أن نستمع في الفجر إلى القرآن الكريم، وألا ننام دون أن نصلي الشفع والوتر.. ونقرأ ما تيسر من القرآن.
لنغرس في عقولهم حب الكتاب، «خير جليس».. فقلة من الأبناء الذين يذهبون إلى مكتبة المنزل التي تمتلئ بالكتب الثقافية والفكرية والاجتماعية والروايات الهادفة، التي تنمي العقل والعاطفة وتجعل الابن أكثر التصاقا بثقافته وتاريخه ومجتمعه.
نحن حقيقة نخشى على الثقافة «الفيديو كليبية» فتيات وشباب يرقصون، بطونهم شبه عارية، تتخلع الفتيات جاذبة الشباب، ويهتز «الرجال» جاذبين الفتيات إلى حركات يقولون عنها انها ثقافة العصر.
«أمور تافهة» لكنها تستحق الكتابة بعد أن تفشت في المجتمع العربي وخير دليل، هو عدم إحساسه بالآتي المظلم عبر ثقافة الدبابات، فأي هموم تنتظر الأبناء، اذا لم نغــــــــرس في عـــــــــقولهم الآن ثقافتنا التي بها تحصنا خـــــــلال اوائل القـــــــــــرن الذي مضى، وبها استطعنا أن نتحرر من الاستعمار الذي جثم على صدورنا بسبب الوهن الذي أصاب عقولنا، وهذا الوهن بدأ يدب مع كل رقصة «فيديو كليب».. وسلامتكم.
هل السوريون إخوة.. هل المسلمون إخوة.. هل المصريون إخوة.. إذن لماذا يقتل بعضهم بعضا؟
سؤال وجيه من عربي وجيه تجاوز السبعين؟! فبماذا أجيبه قلت له: ضع قلبك في الثلاجة حالك حال الجامعة العربية، والأمم المتحدة، وعدم الانحياز، بل حال الـ 400 مليون عربي، فالثلاجة هي المكان الآمن لحفظ الأخوة في هذا الزمن.. وعندما تخمد النيران اخرج قلبك، وأرسله يرفرف فوق «عروس الخليج»، وابعث به ليتطهر في النيل، ليكن قلبك كبيرا.
تمنينا أن تكون الحرب الاهلية اللبنانية هي آخر الحروب، وتمنينا أن تكون الحرب العراقية الإيرانية هي آخر الحروب وتمنينا أن تكون عاصفة الصحراء آخر العواصف وان يكون الربيع العربي من صنع عربي.. ولكن ما جرى بعد ذلك وما يجري جعلنا نتمنى الا تكون الحرب العراقية - الإيرانية انتهت
ونتمنى الا يكون البويزيدي أحرق نفسه ليأتي ربيع آخر يأتي بحكم يقتل شعبه..
ما الذي يمكن أن يقوم به شخص «منحط» في هذا الزمن «المنحط»، الانحناء، «لعسكري »، تسول السجائر من جون، والبحث عن تأشيرة دخول إلى أوروبا أو الموت غرقا،
نبضة أخيرة
عذرا يا ولدي.. أحببت العروبة.. وعشقت العروبة.. ولكن لا تسألني لماذا اخترت الانحطاط؟!

بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
22/11/2016
1897