+ A
A -
هناك قوتان مركزيتان في العالم إضافة إلى أوروبا والهند، تختلف حساباتهم من حيث قوة القطبية الندية، التي يمتلكونها مع الولايات المتحدة الأميركية، وهما موسكو وبكين، ودورهما في مراجعة سياسة ترامب وفريقه معهما، فقدرات القطبين الصاعدين ذات قوة ذاتية، تصنع بها توازن مصالح أو توازن رعب لحربٍ باردة مع واشنطن، لو اقتضى الأمر ذلك.
أما في بقية مناطق العالم فالميزان مختلٌ كلياً، وخاصة الشرق الإسلامي والمشرق العربي بكل دوله، والأضعف في المعادلة المشرق العربي والأكثر حساسية دول الخليج العربي، فالعراق وسوريا في موقع تسوية ضد شعبيهما، لا يتوقع ابداً تغييرها، ولم تُطرح هذه المسألة، وخاصة الحرب الإرهابية التي يشنها الروس على المدنيين في حلب، فالتوافق حولها مع ترامب لم ينتظر استلامه مكتبه، في ظل الحميمية المتصاعدة مع بوتين.
وبغض النظر عن العودة لافتراق المصالح بين موسكو وواشنطن، فمستوى العلاقة القائم يكفي لمباركة سحق الشعب السوري، الذي أول من أعطى الضوء الأخضر فيه الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما.
ومن الغريب أن الوضع الخليجي يَتداول، فرص التعامل مع ترامب في اتجاهين متعاكسين، بل في بعض المسارات، لفريقين حكوميين أحدهما يرى الوضع الحرج والانتكاسة، في تاريخ العلاقات، والآخر يرى مصالحه في يمينيّة ترامب، التي لا يهمه فيها مطلقا موقفه المعلن ضد الإسلام والمسلمين، فهي تحمل فرص تعاون وإغراء اقتصادي لصالحه، ويُتسابق له دون طلب منه.
تكاثر الحديث عن إيران، وأن فريق التنسيق العميق لها مع أوباما سينصرم مع ترامب، وأن اتفاقياتها في مهب الريح، ولن ندخل طرفا بين المحللين الاستراتيجيين للشؤون الأميركية، لكن ما يسلّط الضوء عليه اليوم، هي روح الانهيار الكامل في التفكير الرسمي العربي من مصر إلى دول الخليج، وهيمنة آمال القبول من ترامب كدول يعاد تنظيم صداقتها، لمصالح واشنطن.
وبلا أدنى شك أن تغيّر الاستراتيجية الأميركية، لو حصل فعلا مع هذه الصداقات له تأثير خطير، من سحب فاعلية أسلحة الدفاع الجوي والتوازن الدفاعي، في البحر والقواعد، إلى إعادة معالجة الأموال الخليجية تحت ضمانة الخزانة الأميركية، لكن هذا البعد قد بدأ بالفعل في عهد أوباما، وكانت رسائل تموضع واشنطن الجديد، واضحة، فهل الرهان على تغيير ترامب لهذه السياسة واقعي، في اتجاه تجسير علاقة حميمية، والتزام موقف صراعي وحرب مع إيران، بحسب أماني خليجية قديمة.
الحقيقة أن طهران اليوم، ومع الإقرار بصعوبات وضعها الاقتصادي، وعوائق الاستفادة الكبرى من الاتفاق النووي، إلا أنها باتت في شراكة استراتيجية مع موسكو بوتين، صديق ترامب وأبرز مؤيديه من الأيام الأولى.
فمستوى المواجهة في الأحلام المزعومة، لن يصل إلى المخيال الخليجي، ولا يمكن أن يخوض ترامب المواجهة، إلا كظاهرة صوتية موجهة، مارستها واشنطن بأيدي محافظة يمينية سابقا، مع طهران الجمهورية الدينية، ولماذا يتورط في حرب مع إيران التي دشنت حلفاً مصلحياً قويا مع واشنطن على الأرض.في حين تجارب طهران كانت تَعبُر دائماً هذه المنعطفات، وتشارك من تلعنهم في احتلال نفط العراق وأرضه وتغزوا معه أفغانستان، وتتعزز قوة طهران اليوم، بزحفها المشترك مع موسكو على سوريا، وحسم الحرب نهائيا لها، وهي على بعد أشهر محدودة من ضم الموصل إلى قوتها الجيوسياسية تحت الحشد الطائفي، وحكومة بغداد الموالية لها، وخاض فريقها في واشنطن صفقة الاتفاق في ظل هذا الصعود، فكيف ولماذا يخوض ترامب معركته ولحساب من؟
هذا هو السؤال الغائب عن الفكر الخليجي الرسمي، الذي لم يطرح معالجة انقساماته في اليمن وغيرها، وتصحيح أخطائه مع الربيع العربي، وإعادة رسم تحالفات نوعية واصلاحات داخلية تقوّي موقفه، قبل أن يفتح له ترامب الباب ويتفاجأ من جديد، بأن قواعد اللعبة التي يحلم بها انتهت في تاريخ الخليج الجديد.
بقلم : مهنا الحبيل
أما في بقية مناطق العالم فالميزان مختلٌ كلياً، وخاصة الشرق الإسلامي والمشرق العربي بكل دوله، والأضعف في المعادلة المشرق العربي والأكثر حساسية دول الخليج العربي، فالعراق وسوريا في موقع تسوية ضد شعبيهما، لا يتوقع ابداً تغييرها، ولم تُطرح هذه المسألة، وخاصة الحرب الإرهابية التي يشنها الروس على المدنيين في حلب، فالتوافق حولها مع ترامب لم ينتظر استلامه مكتبه، في ظل الحميمية المتصاعدة مع بوتين.
وبغض النظر عن العودة لافتراق المصالح بين موسكو وواشنطن، فمستوى العلاقة القائم يكفي لمباركة سحق الشعب السوري، الذي أول من أعطى الضوء الأخضر فيه الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما.
ومن الغريب أن الوضع الخليجي يَتداول، فرص التعامل مع ترامب في اتجاهين متعاكسين، بل في بعض المسارات، لفريقين حكوميين أحدهما يرى الوضع الحرج والانتكاسة، في تاريخ العلاقات، والآخر يرى مصالحه في يمينيّة ترامب، التي لا يهمه فيها مطلقا موقفه المعلن ضد الإسلام والمسلمين، فهي تحمل فرص تعاون وإغراء اقتصادي لصالحه، ويُتسابق له دون طلب منه.
تكاثر الحديث عن إيران، وأن فريق التنسيق العميق لها مع أوباما سينصرم مع ترامب، وأن اتفاقياتها في مهب الريح، ولن ندخل طرفا بين المحللين الاستراتيجيين للشؤون الأميركية، لكن ما يسلّط الضوء عليه اليوم، هي روح الانهيار الكامل في التفكير الرسمي العربي من مصر إلى دول الخليج، وهيمنة آمال القبول من ترامب كدول يعاد تنظيم صداقتها، لمصالح واشنطن.
وبلا أدنى شك أن تغيّر الاستراتيجية الأميركية، لو حصل فعلا مع هذه الصداقات له تأثير خطير، من سحب فاعلية أسلحة الدفاع الجوي والتوازن الدفاعي، في البحر والقواعد، إلى إعادة معالجة الأموال الخليجية تحت ضمانة الخزانة الأميركية، لكن هذا البعد قد بدأ بالفعل في عهد أوباما، وكانت رسائل تموضع واشنطن الجديد، واضحة، فهل الرهان على تغيير ترامب لهذه السياسة واقعي، في اتجاه تجسير علاقة حميمية، والتزام موقف صراعي وحرب مع إيران، بحسب أماني خليجية قديمة.
الحقيقة أن طهران اليوم، ومع الإقرار بصعوبات وضعها الاقتصادي، وعوائق الاستفادة الكبرى من الاتفاق النووي، إلا أنها باتت في شراكة استراتيجية مع موسكو بوتين، صديق ترامب وأبرز مؤيديه من الأيام الأولى.
فمستوى المواجهة في الأحلام المزعومة، لن يصل إلى المخيال الخليجي، ولا يمكن أن يخوض ترامب المواجهة، إلا كظاهرة صوتية موجهة، مارستها واشنطن بأيدي محافظة يمينية سابقا، مع طهران الجمهورية الدينية، ولماذا يتورط في حرب مع إيران التي دشنت حلفاً مصلحياً قويا مع واشنطن على الأرض.في حين تجارب طهران كانت تَعبُر دائماً هذه المنعطفات، وتشارك من تلعنهم في احتلال نفط العراق وأرضه وتغزوا معه أفغانستان، وتتعزز قوة طهران اليوم، بزحفها المشترك مع موسكو على سوريا، وحسم الحرب نهائيا لها، وهي على بعد أشهر محدودة من ضم الموصل إلى قوتها الجيوسياسية تحت الحشد الطائفي، وحكومة بغداد الموالية لها، وخاض فريقها في واشنطن صفقة الاتفاق في ظل هذا الصعود، فكيف ولماذا يخوض ترامب معركته ولحساب من؟
هذا هو السؤال الغائب عن الفكر الخليجي الرسمي، الذي لم يطرح معالجة انقساماته في اليمن وغيرها، وتصحيح أخطائه مع الربيع العربي، وإعادة رسم تحالفات نوعية واصلاحات داخلية تقوّي موقفه، قبل أن يفتح له ترامب الباب ويتفاجأ من جديد، بأن قواعد اللعبة التي يحلم بها انتهت في تاريخ الخليج الجديد.
بقلم : مهنا الحبيل