+ A
A -
- روى ابن كثير في البداية والنهاية عن سُفيان بن حُسين قال:
ذكرتُ رجلاً بسوء عند إياس بن معاوية، فنظر في وجهي وقال: أغزوتَ الروم؟
قلتُ: لا!
قال: أغزوتَ السند والترك؟!
قلتُ: لا!
قال: أيسلمُ منكَ الروم والسند والهند والترك، ولا يسلم منكَ أخوك المسلم!
إياس بن معاوية أحد دهاة القضاة في التاريخ، ظهرت عليه علامات النبوغ منذ نعومة أظفاره، وفد وهو ابن أربع عشرة سنة على عبدالملك بن مروان قبل أن يلي الخلافة في وفد من الشيوخ، فقام ليتكلم بين يديه، فازدراه عبدالملك، وقال: أفٍّ لهذه اللحى إذ قدّمت إليّ هذا، ثم سأل إياسًا باستخفاف كم عمركَ يا فتى؟! فقال له إياس: بعمر أسامة بن زيد؛ إذ ولاه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على الجيش، وفيه أبوبكر وعمر!
وله قصص عجيبة في القضاء لا يتسع المقام لسردها، ويكفي أن أذكر حادثة واحدة على شدّة علمه، فقد قال له رجل وهو في مجلس القضاء، ما أسرع قضاءك يا أبا واثلة– وهي كنية إياس- لو أنك تتروى،
فقال له إياس: كم إصبعاً في يدك اليمنى
فقال الرجل: خمسة..
فقال إياس: أرى أنك لم تتروَّ!
فقال: لا يتروى الرجل في أمر هو منه على يقين.
فقال له: وأنا مثلك لا أتروى مما أنا فيه على يقين!
وإذا ما تركنا إياسًا وعدنا إلى سفيان بن حسين ما احتجنا إلى كثير ذكاء لنعرف أننا نسخة عنه، يسلم منه الجميع إلا من حوله!
- الزوج الذي يقيم الدنيا ولا يُقعدها لأن الطعام مالح هو نفسه الذي يشاهد حلب تُقصف ليلاً نهاراً، لا يسلم مشفى ولا مسجد، ولا طفل ولا امرأة فيها، ولا يحرك ساكنًا، ويتابع حياته كالحمل الوديع كأنه شاهد فيلماً على إم بي سي أكشن!
- الأخ الذي لم يكلم أخاه منذ سنوات لأنه إنسان لديه كرامة، هو نفسه الذي يشاهد المسجد الأقصى يُمنع فيه الأذان فلا يسأل أيهما يجرح كرامته أكثر، الصفح عن أخيه أم الصفح عن إسرائيل!
- تُرمى مكة بصاروخ فيقولون لك: لا تكن طائفياً!
يُحرق المسلمون في ميانمار فيقولون لك: أصلح الله الأحوال!
يُذبح المسلمون في العراق فيقولون لك: شدة وتزول!
الذي لا يريد أن يكون طائفياً هو ذاته العنصري الذي يعامل عامل المحطة بازدراء لأنه غريب ومن جنسية أخرى، والذي يقول لك أصلح الله الأحوال في ميانمار هو الذي لا يُصلح الأحوال بينه وبين جيرانه، ولا بينه وبين أقاربه، والذي يقول لك شدة وتزول هو نفسه الشديد على زوجته وأولاده وعمّاله، الذي يحدثك عن احترام الآخر هو نفسه الذي يهجرك لأن رأيك خالف رأيه!
للأسف نحن متسامحون إلا في ما بيننا!
متحضرون إلا مع بعضنا!
يسلم منا الجميع ولا نسلم من بعض!
وبالمناسبة فإن إياسًا عندما سأل عن الغزو كان يعني به جهاد الطلب لا جهاد الدفع!
بقلم : أدهم شرقاوي
ذكرتُ رجلاً بسوء عند إياس بن معاوية، فنظر في وجهي وقال: أغزوتَ الروم؟
قلتُ: لا!
قال: أغزوتَ السند والترك؟!
قلتُ: لا!
قال: أيسلمُ منكَ الروم والسند والهند والترك، ولا يسلم منكَ أخوك المسلم!
إياس بن معاوية أحد دهاة القضاة في التاريخ، ظهرت عليه علامات النبوغ منذ نعومة أظفاره، وفد وهو ابن أربع عشرة سنة على عبدالملك بن مروان قبل أن يلي الخلافة في وفد من الشيوخ، فقام ليتكلم بين يديه، فازدراه عبدالملك، وقال: أفٍّ لهذه اللحى إذ قدّمت إليّ هذا، ثم سأل إياسًا باستخفاف كم عمركَ يا فتى؟! فقال له إياس: بعمر أسامة بن زيد؛ إذ ولاه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على الجيش، وفيه أبوبكر وعمر!
وله قصص عجيبة في القضاء لا يتسع المقام لسردها، ويكفي أن أذكر حادثة واحدة على شدّة علمه، فقد قال له رجل وهو في مجلس القضاء، ما أسرع قضاءك يا أبا واثلة– وهي كنية إياس- لو أنك تتروى،
فقال له إياس: كم إصبعاً في يدك اليمنى
فقال الرجل: خمسة..
فقال إياس: أرى أنك لم تتروَّ!
فقال: لا يتروى الرجل في أمر هو منه على يقين.
فقال له: وأنا مثلك لا أتروى مما أنا فيه على يقين!
وإذا ما تركنا إياسًا وعدنا إلى سفيان بن حسين ما احتجنا إلى كثير ذكاء لنعرف أننا نسخة عنه، يسلم منه الجميع إلا من حوله!
- الزوج الذي يقيم الدنيا ولا يُقعدها لأن الطعام مالح هو نفسه الذي يشاهد حلب تُقصف ليلاً نهاراً، لا يسلم مشفى ولا مسجد، ولا طفل ولا امرأة فيها، ولا يحرك ساكنًا، ويتابع حياته كالحمل الوديع كأنه شاهد فيلماً على إم بي سي أكشن!
- الأخ الذي لم يكلم أخاه منذ سنوات لأنه إنسان لديه كرامة، هو نفسه الذي يشاهد المسجد الأقصى يُمنع فيه الأذان فلا يسأل أيهما يجرح كرامته أكثر، الصفح عن أخيه أم الصفح عن إسرائيل!
- تُرمى مكة بصاروخ فيقولون لك: لا تكن طائفياً!
يُحرق المسلمون في ميانمار فيقولون لك: أصلح الله الأحوال!
يُذبح المسلمون في العراق فيقولون لك: شدة وتزول!
الذي لا يريد أن يكون طائفياً هو ذاته العنصري الذي يعامل عامل المحطة بازدراء لأنه غريب ومن جنسية أخرى، والذي يقول لك أصلح الله الأحوال في ميانمار هو الذي لا يُصلح الأحوال بينه وبين جيرانه، ولا بينه وبين أقاربه، والذي يقول لك شدة وتزول هو نفسه الشديد على زوجته وأولاده وعمّاله، الذي يحدثك عن احترام الآخر هو نفسه الذي يهجرك لأن رأيك خالف رأيه!
للأسف نحن متسامحون إلا في ما بيننا!
متحضرون إلا مع بعضنا!
يسلم منا الجميع ولا نسلم من بعض!
وبالمناسبة فإن إياسًا عندما سأل عن الغزو كان يعني به جهاد الطلب لا جهاد الدفع!
بقلم : أدهم شرقاوي