+ A
A -
عمت الفوضى الشوارع والمناطق والمحلات وانتشر اللصوص وقطاع الطرق وبات كل إنسان مسؤولا عن أمن بيته، حالة لم أشاهدها حين احتل اليهود رام الله عام 1967، فوجود أجناس من كل الأطياف تفتح الباب لارتكاب كل أنواع الشر من لصوصية وانتهاك حرمة بيوت واغتصاب.. فيما انتشر الطابور الخامس يبث الفتنة بين الجنسيات وخاصة العربية- العربية، وبدأوا ترويج إشاعات تؤجج الحقد بين جالية وأخرى ووقعت معركة بالرصاص بين جاليتين عربيتين اعتقد الجيش العراقي أنها مقاومة كويتية فجاءت دبابات أربع وأكثر من مائة جندي اضطررنا لإغلاق بيوتنا وكان السؤال لماذا هذا الاحتلال وهل هو مقدمة لانحطاط عربي أت؟، وهذا التساؤل يحتاج إلى مجلدات للإجابة عنه ولكن في ليلة الغزو وانفلات الحكم حكايات ابتدأت مع فتح السجون وخروج المجرمين وفتح أبواب مستشفى المجانين وانطلاق ذوي الإعاقة العقلية على وجوههم وفتح حديقة الحيوانات وانطلاق الوحوش الجائعة إلى الشوارع.
يدك في تلك الليلة على الزناد فأمنك وأمن أسرتك يقتضي منك ألا تنام ليلا وترتاح قليلا في النهار.
أغلقت باب العمارة بقفل حديدي وسحبت المصعد إلى الدور الأخير حيث أقيم وقلت سأنام قليلا، وفوجئت بطرق على الباب، نظرت من العين السحرية.. رجل من هيئته وحركاته مجنون.. خشيت أن أفتح، ويحصل ما لا يحمد عقباه طرق الباب أكثر من مرة ثم فر هاربا، ليتبعه طرق آخر، جيش عراقي، لكن قلت مين، فعرفوا بأنفسهم جنود، فتحت الباب، وإلا فسوف يتم اقتحامه إن لم أفتح، كانوا سبعة مع قائدهم ملازم أول شعره أشعث، أعور يحمل رشاشا ويده على الزناد وأظن أنه قاتل محترف أمر جنوده فانتشروا في البيت يفتشون يحملون كل ما يعجبهم والحجة البحث عن فدائي كويتي دخل العمارة، لم يجدوا سوى صور الشيخ جابر الأحمد الجابر أمير الكويت حينئذ وولي عهده الشيخ سعد وهي بوسترات كان أولادي أحضروها للاحتفال باليوم الوطني، أخذها الضابط بعد توبيخ وشتم وقال: أردني ويحتفظ بهذه الصور؟ ثم طلب مني مراجعة مركز الشرطة صباحا
كان عبداللطيف البرجس محافظ حولي وكنت مكلفا بأمانة سر المحافظة حتى ليلة الغزو وعلى تواصل معه وعلمت أنه أصيب بجلطة وأدخل مستشفى العدان، فذهبت لزيارته وحين رآني مقبلا عليه أشار بحاجبيه بعدم الدخول لوجود مراقبة عراقية لكن لم أبالِ فدلفت الغرفة وودعته وقلت له أنا مغادر غدا فالوضع بات مؤلمًا.
نبضة أخيرة:
حين تبتسمين تنقشع غيوم تشرين وتهدأ عواصف آذار.

بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
26/11/2016
1054