أُقيم كأس العالم سنة 1938 في فرنسا، وفي ثمن النهائي تعادل منتخبا كوبا ورومانيا ثلاثة مقابل ثلاثة، مما اقتضى إعادة المباراة بعد أربعة أيام، إذ لم تكن الفيفا قد أقرتْ بعد تمديد الوقت، والاحتكام إلى ضربات الجزاء الترجيحية إذا ما استمرَّ التعادل!
وفي مباراة الإعادة طلب حارس مرمى كوبا «بنيتو كارباخاليس» من مدربه أن يُشرك مكانه الحارس البديل «خوان إيرا»، لأنه مضطر للتعليق على المباراة لعمله صحفياً في إذاعة رائدة آنذاك!
وبالفعل علَّقَ كارباخاليس على المباراة، وحرس إيرا المرمى، وفازت كوبا بهدفين لهدف!
وفي نصف النهائي أمام السويد، عاد كارباخاليس لحراسة مرمى المنتخب الكوبي، لأن الإذاعة كانت في عطلة يومها، وخسرت كوبا تلك المباراة بثمانية أهداف، لتطلق جماهير كوبا يومها السؤال التاريخي: لماذا لم تبقَ في المقصورة؟!
برأيي- الصحيح طبعاً- أن الذي يتحمل هذه النتيجة ليس الحارس وإنما المدرب، فقد كان عليه أن يستبعده من صفوف المنتخب لمجرد ذهابه للتعليق على المباراة وترك المرمى للحارس البديل، لأن الأوطان لا تُخدم وقت الفضاوة! ولأن الذي يُقدم مصلحته الشخصية على مصلحة وطنه لا يستحق أن يحرس مرماه!
الأمر بهذه البساطة، ودون تعقيد أو فلسفة!
على أنه علينا أن نعترف أن الكثيرين من سكان هذا الكوكب الذين تجاوزوا الثمانية مليارات منذ أسابيع يعملون وفق نظام الفضاوة! بل وينتظرون أن يبقى المكان شاغراً بانتظارهم ريثما يعودون، بل وتراهم إذا ما تم استبدالهم يصفون الآخرين بعدم الوفاء، وهذا الوصف يتنافى مع نظام الفضاوة، فلو أن أحدهم تأمل في لحظة- من لحظات فضاوته طبعاً- لاكتشف أنه ما من شخص في هذا العالم إلا ويمكن استبداله والاستغناء عنه، وما لا يمكن الاستغناء عنه يمكن تعويضه، وما لا يمكن تعويضه يمكن التعايش بدونه، فالناس فرصٌ أيضاً ولا أحد يبقى متاحاً إلى الأبد!
وقد يسأل أحد ما فيقول: ما علاقة الحارس الذي أخذ إجازة بالفضاوة؟
والإجابة- بعون الله– أنه لا يوجد علاقة، وإنما أوجدتُ بينهما علاقة من باب الفضاوة!