أعرب المهندس إبراهيم الجيدة، الرئيس التنفيذي وكبير المهندسين في المكتب العربي للشؤون الهندسية، وأول مهندس قطري يصمم أحد استادات مونديال كرة القدم، عن فخره بتصميم استاد الثمامة، أحد الاستادات الثمانية التي تشهد حاليا، منافسات بطولة كأس العالم لكرة القدم فيفا قطر 2022
، مؤكدا أن انبهار الجماهير بالملعب أثلج صدره.
وتطرق الجيدة في حوار خاص لـ «الوطن » إلى بداية فكرة تصميم استاد الثمامة، وكيف كانت المنافسة في مسابقة اختيار التصميم، وشعوره بعد أن أصبح جزءاً أساسياً من أول بطولة كأس عالم في المنطقة والشرق الأوسط، بالإضافة إلى الطقوس المعيّنة التي يمارسها أثناء التصميم، لبلوغ الفكرة وترجمتها في القالب الإبداعي المتميّز الذي يقدمه، وغيرها من التفاصيل والتساؤلات التي سنطالع الإجابة عنها في سياق الحوار التالي:
{ ما هو شعورك وأنت جزء أساسي من أول بطولة كأس عالم في المنطقة والشرق الأوسط...؟
- شعور لا يوصف، لكوني ساهمت ولو بجزء قليل في هذا الإنجاز العظيم، الذي قامت به بلادنا من مسؤولين إلى منظمين، لكي نستقبل العالم على أرض قطر، وأن أكون جزءا من هذا الكرنفال العالمي، لكي أعكس هوية بلادي، فهذه مفخرة كبيرة بالنسبة لي، ولن أنساها طوال حياتي، وسأظل أفتخر بها إلى الأبد، خصوصا الآن عندما رأيت كل العالم ينظر إلى استاد الثمامة بانبهار، وكاميرات المحطات التليفزيونية العالمية تصور هذا الصرح، بالإضافة إلى انبهار الجماهير بالملعب، الأمر الذي أثلج صدري، خصوصا أن اثنين فقط من العالم العربي شاركوا في تصميم الملاعب المونديالية، المصممة العراقية زها حديد، التي صممت ملعب الجنوب المونديالي وشخصي في ملعب الثمامة المونديالي.
{ ماذا يعني لكم حصول استاد الثمامة على شهادة الاستدامة العالمية من فئة «5» نجوم...؟
- جميع ملاعبنا المونديالية صممت لكي تكون صديقة للبيئة، وتحصل على شهادات استدامة، وما حدث عندنا في قطر لم يحدث في معظم استادات العالم، فمن ناحية المواصفات لدينا اليوم في الدولة أحدث وأكثر الملاعب تطورا وملاءمة للبيئة، ومع كل هذا فهي ملاعب مكيفة يتم التحكم في درجة حرارتها، وجاهزة للاستخدام طوال العام.
بداية الفكرة
{ حدثنا عن بداية فكرة تصميم الاستاد، وكيف كانت المنافسة في مسابقة اختيار التصميم...؟
- فكرة التصميم كانت هناك مسابقة عالمية، تمت دعوة معماريين متخصصين من حول العالم، وأشكر القائمين على الأمر أنهم أتاحوا لي فرصة التنافس مع هؤلاء المعماريين العالميين، وكان من المتطلبات أن يعكس التصميم الهوية القطرية، ولقد قمت بعمل بحث مطول وذهبت إلى السوق القديم بالدوحة لشراء العديد من «القحافي» التي تحمل نقوشا وتصاميم مختلفة، كي أتغلب على التحدي الكبير، وأعكس الشكل المطلوب للقحفية في مبنى ضخم وهائل، بحيث يكون المبنى شكله متناسق ويخدم الاستخدام الرئيسي له كاستاد لكرة القدم، وفي نفس الوقت يعبر عن الهوية القطرية بطريقة متناسقة تسر الناظرين.
{ كيف تغلبتم على تحدي دمج تفاصيل القحفية التقليدية في تصميم حديث ومواكب للعصر في الاستاد المونديالي...؟
- لكي نتغلب على هذا التحدي كان هنالك تعاون كبير بيننا وبين استشاريين من حول العالم، فقد تمت الاستعانة بحوالي «17» مهندسا استشاريا من حول العالم كلا في تخصصه، تحت إدارة المكتب العربي للشؤون الهندسية، وكان لنا شرف عظيم أن يكون مكتب هندسي قطري يتحول لورشة عمل يشارك فيها كل هؤلاء الاستشاريين من العالم، لإنتاج مشروع هام مثل استاد الثمامة المونديالي، ولقد تم تجاوز التحدي بنجاح بشهادة الجميع.
إتاحة الفرصة
{ ما هو تعليقك على إتاحة الفرصة للكوادر القطرية والعربية للمساهمة بشكل فاعل في استضافة مونديال قطر 2022...؟
- أن يعطى الفرد فرصة للقيام بدور في بلده أمر مهم للغاية، أشكر عليه بلادي قطر والمسؤولين والقائمين على أمر استضافة المونديال، بإتاحة الفرصة لي أن أكون جزءاً من أول بطولة كأس عالم في المنطقة والشرق الأوسط، وما نحتاجه نحن كمصممين ومبدعين في جميع مجالاتنا بعالمنا العربي هو فقط إتاحة الفرصة، وأعتقد أننا لاحظنا هذا الأمر في تنسيق هذه البطولة من الانطلاق وحتى الافتتاح، وكيف تكاتفنا مع بعضنا البعض، حيث أعطيت الفرصة لمبدعين في جميع المجالات من تقديم حفل الافتتاح إلى التنظيم، وجميعها كانت بأيد قطرية وعربية، ونرى في الإعلام اليوم أن كل عربي زار قطر فخور بأن الإنجاز الذي تم في الدوحة جاء باسم جميع العرب، وهذا ما وعد با المسؤولون في بلادنا منذ لحظة حصولنا على حقوق الاستضافة أن يكون مونديال «2022» بطولة لكل العرب.
{ يلاحظ أن معظم تصاميمك تتميز بارتباطها الوثيق بالهوية القطرية.. ما هو السر وراء ذلك...؟
- نعم عرفت بأن تصاميمي دائما تعكس الطراز القطري والعربي وهذا الأمر أفتخر به، وأعتقد أنه باستخدام العناصر والمفاهيم التي بنيت عليها عمارتنا وهويتنا ووضعها في قالب حديث أكبر نجاح يمكن أن يحققه المصمم المعماري، وسأظل أحمل راية الاستمرار في التطوير والحداثة، لكن في ظل التمسك بجذورنا الإسلامية والعربية العريقة، فالتمسك بالهوية والجذور اعتبره شيئا يعطيني القوة وليس التخلف أو الرجوع إلى الماضي، والعناصر عندنا تبدأ من احترام البيئة إلى الخصوصيات وكيفية عكس الثقافة المختلفة في هويتنا المعاصرة المرتبطة بالعمارة، ونرى هذا الأمر في المدينة التعليمية ومشيرب، ومعظم المباني حتى المباني الحكومية وكيف أخذنا هويتنا في المتاحف وترجمناها بطريقة معاصرة.
ممارسة التصميم
{ هل لديك طقوس معيّنة أثناء ممارسة التصميم لبلوغ الفكرة وترجمتها في القالب الإبداعي المتميّز الذي تقدمه...؟
- المعماريون أو أي أحد في التصميم المبدع سواء الفنانين أو غيرهم، عندما تأتي الفكرة تتبلور يجد نفسه يفكر بها وهو على فراش النوم في الليل، ولكن من طقوسي أنني أتبادل الأفكار مع زملائي المختصين في العمل، حتى أقوم بتنمية الفكرة وأنفذها بالشكل الذي يخدم الاستغلال الصحيح والأمثل للمبنى الذي نقوم بتصميمه، لذلك أفكر أولا في المشروع، ثم بعد ذلك أقوم بزيارة موقع التنفيذ وعلى أساس ذلك تبدأ تتبلور الفكرة.
{ ماذا أنت قائل بشأن المهندس هلال الكواري «رحمه الله» باعتباره أحد الجنود المجهولين في إنجاح حدث استضافة المونديال...؟
- كلمة حق يجب أن أذكرها بالفعل تعلمت الكثير من هذا الرجل، وكلما أزور أي ملعب من ملاعب البطولة أترحم على أخي وأستاذي المهندس هلال الكواري، الذي اعتبره رمزا للإخلاص والتفاني في خدمة بلده، كونه خلف وراءه مجموعة من الشباب المبدعين، والمنشآت التي أمامنا هي أفضل نتيجة للمثابرة التي قام بها ولن ننساه أبدا.
توقعات البطولة
{ ما هو منتخبك المفضل، وتوقعاتك لبطل مونديال قطر 2022...؟
- ليس لدي منتخب مفضل، ولكن أشجع اللعبة الحلوة، نأمل أن يقدم النجوم العالميون المستوى الذي يرضي عشاق الساحرة المستديرة، لأن أنظار العالم كلها تتجه نحو قطر لمشاهدة مباريات تليق بمستوى الحدث الرياضي العالمي، ونفخر بالإنجاز الذي تحقق في تقديم نسخة استثنائية من بطولة كأس العالم التي أدهشت جميع المتابعين والمهتمين.
{ هل كنت تتوقع خروج العنابي من الدور الأول للبطولة...؟
- خروج العنابي في مرحلة مبكرة من البطولة كان أمرا محزنا بالنسبة لنا، وأعتقد أن وجودهم في معسكرات تدريبية لأكثر من «6» أشهر وإبعادهم عن المشاركة في الدوري المحلي كان أمرا مبالغا فيه، ربما تكون هذه الفترة ساهمت في تأهيلهم بدنيا وليس ذهنيا، ربما يكون بعدهم عن اللعب التنافسي قد أثر على مستواهم الذي لم يرق لمستوى البطولة، وفي آخر المطاف إن خسرنا في المباريات فإننا كسبنا التنظيم المثالي، بوجود كل العالم على أرض قطر.