+ A
A -
نقصد بالفكر المدني كل ما يُصلح شأن المسلم وشريكه الوطني أو الإنساني، في فضاء صناعة الحياة، ومشتركات التنمية، وفضاء التعبير والتمتّع بمُتع الحياة التي لم يقطع الشرع بحرمتها، في الحالة الاجتماعية للفرد، وعلاقة ذلك بداخله الإنساني وبيئته المحلية، والمؤسسات القانونية التي قد تتقاطع مع هذا المفهوم.
أما الباب الثاني: فهو الفقه الدستوري والنظم والقوانين، وتشريعات الأفراد والجماعات، والأعراف القانونية، التي تتداخل مع أي بنية مرتجاة لتنظيم الدولة المعاصرة، وتشريعاتها العدلية، أكانت دولة تؤسس في طور حديث، بعد مرحلة حرجة، أو حرب أهلية، أو صداما سياسيا عسكريا، أو كانت تسعى لتجديد بنيتها القانونية، ويَسألُ مجتمعها عن موقف الشريعة من ذلك.
ولا بد هنا من توضيح قضية مهمة للغاية، وهي أن الفكر المدني في فقه الشريعة، لا يعني تحييد الفقه والفتوى وصناعة الرأي العارض للنوازل، وفق قاعدة أخف الضررين ودرء المفاسد، وتغليب المصالح الكبرى، حتى وصول الدولة أو المجتمع إلى خلاصات دستورية كاملة لحياتها الجديدة، بأفق إسلامي.
فهذا خطأٌ بالغ، وقد يترتب عليه كارثة تذهب بالضرورات الخمس لشريحة واسعة من أي شعب داهمه محتل أو مستبد.
والذي نعنيه تحديداً، أن مفاصل الفتوى لإخراج المجتمعات من كوراثها، وهذا من أصول الفقه، في الشريعة، لا تقتضي على سبيل المثال، أن يكون الهدف هو تطبيق الشريعة واعلانها على الفور، وخاصة أنّ هذا المفهوم أصلا لم تنضج كيفيته، في حاضر العالم الإسلامي اليوم، والخلاف في تقنياته واسع للغاية، بين الفقهاء وأدواتهم والتقنين الدستوري المصاحب لهم.
لكن من الطبيعي أن يكون الميثاق الانتقالي، المتفق عليه للخروج من الأزمة، لا يتضمن مواداً محادة بصورة مباشرة، ودون تأويل لفقه الشريعة وقطعياتها.
هذا في بلاد المسلمين، أما تجارب الحياة السياسية للمسلمين في غير بلادهم، فهي تقاس بمعطيات المصالح والمفاسد، ومساحة ما يتحقق لهم في هذا المهجر وقد باتوا جزء من مكونه في هذا اليوم.
هنا سنصل إلى تحديد معالم أساسية في صناعة قاعدة الوعي لأصول الاستدلال، ثم تقنين الأحكام في الفكر المدني، كمقدمة لمرحلة الدسترة، أو العرف الثقافي الإسلامي في وعي الحياة المدنية، والمقصد وضع خطوط عامة، وليس تفصيلات تشريعية لهذا المنهج.
وتنقسم هذه المعالم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: أن سكوت المشرّع عن مساحة واسعة من أمور الدنيا، في المدنية الاجتماعية وفي الفقه الدستوري، حتى ولو لم ترد هذه المصطلحات قديماً، كان أصلا تشريعيا معتمداً.
ثانيا: إن إعطاء أحكام عقوبات للممارسات الشخصية بما فيها ما استكرهه الشارع، ولم يضع لها عقوبة محددة، بل جعلها محمولة على الورع الشخصي الذي يتفاوت فيه الناس، وندبهم إلى الاستغفار، هو تشريع لم يرد وإلزامُ بما لم يُلزم من فقه الشريعة.
وهنا تتفاوت طباع الناس وأعرافهم وشعوبهم، وهو ما استقر في العالم القديم عند بلوغ دعوات الأنبياء، ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم خاتمة لها ولكل العالم الجديد، فكان تقدير ضبط المجتمع واخلاقياته مختلف لكل بيئة، ومساحة الناس في ذلك مرنة، لكن دون اخلال بمبدأ الفضيلة العامة في المجتمع، وتحاشي نشر ما يقدحها علنا بين الناس.
ثالثاً: إن أصول الفكر المدني في فقه الشريعة عبر الوقوف على المقاصد، واستعراض سير الصالحين من الحكام، والعلماء المستقلين، لا تتجاوز أصول الحياة الإنسانية الرشيدة وهي:
1 - العدالة الاجتماعية. 2- الحريات السياسية. 3 - الرفاه والمساواة الاقتصادية. 4 - الحقوق الشخصية الرشيدة.
البلاغ الرسالي
بقلم : مهنا الحبيل
أما الباب الثاني: فهو الفقه الدستوري والنظم والقوانين، وتشريعات الأفراد والجماعات، والأعراف القانونية، التي تتداخل مع أي بنية مرتجاة لتنظيم الدولة المعاصرة، وتشريعاتها العدلية، أكانت دولة تؤسس في طور حديث، بعد مرحلة حرجة، أو حرب أهلية، أو صداما سياسيا عسكريا، أو كانت تسعى لتجديد بنيتها القانونية، ويَسألُ مجتمعها عن موقف الشريعة من ذلك.
ولا بد هنا من توضيح قضية مهمة للغاية، وهي أن الفكر المدني في فقه الشريعة، لا يعني تحييد الفقه والفتوى وصناعة الرأي العارض للنوازل، وفق قاعدة أخف الضررين ودرء المفاسد، وتغليب المصالح الكبرى، حتى وصول الدولة أو المجتمع إلى خلاصات دستورية كاملة لحياتها الجديدة، بأفق إسلامي.
فهذا خطأٌ بالغ، وقد يترتب عليه كارثة تذهب بالضرورات الخمس لشريحة واسعة من أي شعب داهمه محتل أو مستبد.
والذي نعنيه تحديداً، أن مفاصل الفتوى لإخراج المجتمعات من كوراثها، وهذا من أصول الفقه، في الشريعة، لا تقتضي على سبيل المثال، أن يكون الهدف هو تطبيق الشريعة واعلانها على الفور، وخاصة أنّ هذا المفهوم أصلا لم تنضج كيفيته، في حاضر العالم الإسلامي اليوم، والخلاف في تقنياته واسع للغاية، بين الفقهاء وأدواتهم والتقنين الدستوري المصاحب لهم.
لكن من الطبيعي أن يكون الميثاق الانتقالي، المتفق عليه للخروج من الأزمة، لا يتضمن مواداً محادة بصورة مباشرة، ودون تأويل لفقه الشريعة وقطعياتها.
هذا في بلاد المسلمين، أما تجارب الحياة السياسية للمسلمين في غير بلادهم، فهي تقاس بمعطيات المصالح والمفاسد، ومساحة ما يتحقق لهم في هذا المهجر وقد باتوا جزء من مكونه في هذا اليوم.
هنا سنصل إلى تحديد معالم أساسية في صناعة قاعدة الوعي لأصول الاستدلال، ثم تقنين الأحكام في الفكر المدني، كمقدمة لمرحلة الدسترة، أو العرف الثقافي الإسلامي في وعي الحياة المدنية، والمقصد وضع خطوط عامة، وليس تفصيلات تشريعية لهذا المنهج.
وتنقسم هذه المعالم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: أن سكوت المشرّع عن مساحة واسعة من أمور الدنيا، في المدنية الاجتماعية وفي الفقه الدستوري، حتى ولو لم ترد هذه المصطلحات قديماً، كان أصلا تشريعيا معتمداً.
ثانيا: إن إعطاء أحكام عقوبات للممارسات الشخصية بما فيها ما استكرهه الشارع، ولم يضع لها عقوبة محددة، بل جعلها محمولة على الورع الشخصي الذي يتفاوت فيه الناس، وندبهم إلى الاستغفار، هو تشريع لم يرد وإلزامُ بما لم يُلزم من فقه الشريعة.
وهنا تتفاوت طباع الناس وأعرافهم وشعوبهم، وهو ما استقر في العالم القديم عند بلوغ دعوات الأنبياء، ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم خاتمة لها ولكل العالم الجديد، فكان تقدير ضبط المجتمع واخلاقياته مختلف لكل بيئة، ومساحة الناس في ذلك مرنة، لكن دون اخلال بمبدأ الفضيلة العامة في المجتمع، وتحاشي نشر ما يقدحها علنا بين الناس.
ثالثاً: إن أصول الفكر المدني في فقه الشريعة عبر الوقوف على المقاصد، واستعراض سير الصالحين من الحكام، والعلماء المستقلين، لا تتجاوز أصول الحياة الإنسانية الرشيدة وهي:
1 - العدالة الاجتماعية. 2- الحريات السياسية. 3 - الرفاه والمساواة الاقتصادية. 4 - الحقوق الشخصية الرشيدة.
البلاغ الرسالي
بقلم : مهنا الحبيل