عندما انهارت القوات الإيطالية في ليبيا أمام القوات البريطانية وأسروا  38.000 جندياً إيطاليا، قال الألمان  ومناصروهم  اليابانيون حين خسروا المعركة «كل الحق ع الطليان» وبات هذا مثلا دارجا كلما وقعت مصيبة فنقول كل الحق ع الطليان...أمس حين تمت إعادة انتخاب أبومازن رئيساً لحركة فتح ويعني إعادة انتخابه رئيساً سمعت عجوزا فلسطينيا يقول الحق على الطليان.. قلت الطليان أصدقاء اليابانيين والالمان.. والبلدان اتجها نحو اميركا التي كانت السبب  في هزيمتهم ليعودوا منها بحضارة ويفرضوا ثقافتهم على الشارع الاميركي.  
ففي مطعم ياباني في نيويورك، تناولنا وجبة غذاء يابانية  سوشي، طبعا - نحن عشاق المجبوس والهريس والثريد  والمقلوبة والمسخن- لم نتلذذ كثيرا بهذه الوجبة ولكن من باب التعرف على ثقافات الشعوب، وعاداتها  خاصة وأنني من المعجبين بالثقافة والروح اليابانية  وما حققته من تطور منذ ان أعلن الإمبراطور هيروهيتو الاستسلام في الحرب العالمية الثانية اثر اسقاط أميركا قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناكازاكي  انتقاما مما فعله الطيارون الانتحاريون «الكاميكاز» في الأسطول الأميركي، الا ان الاستسلام وإعلان أميركا احتلال اليابان وتقسيمها ومنعها من انشاء جيش الا ان اليابان قامت وباتت اليوم رغم عدم وجود مقومات الاقتصاد الدائم، هي من الدول المتقدمة صناعيا واقتصاديا وانتقلت من مرحلة الجوع واستجداء أميركا لإطعام  الشعب وأصبحت من الدول التي تنشر ثقافتها ليس في الغذاء فحسب وإنما في التعليم والعادات والتقاليد.
وأول درس تعلمته من اليابانيين ان أخدم نفسي بنفسي من ذلك المطعم في نيويورك، فقد قمت بإحضار الطعام  الى الطاولة، وبعد ان أنهيت وجبتي مع صديقي وهممنا بالمغادرة وإذ بالمشرفين يطلبون منا ان نقوم بجمع مخلفات الطاولة وإلقاء كل نوع في المكان المخصص له البلاستيك في حاوية والورق في حاوية وبقايا الأكل في حاوية، وبدأت أتابع اليابانيين فرأيت احترام التلميذ لمدرسته حيث يخصص للأطفال ربع ساعة يوميا لتنظيف مدرسته بالمشاركة مع المدرسين، ورأيت صور الخريجين يغسلون أقدام أساتذتهم، فترى التواضع والخجل. 
وفي المجمع الذي أقيم أرى فقط سيدة يابانية لديها كلب وحين تخرج لتتخرج به أراها تحمل حقيبة وأكياسا لالتقاط الفضلات وما ترى انه يشوه الشارع ولا ترى عيبا في ذلك فعامل النظافة في اليابان يطلقون عليه المهندس الصحي ويبدأ راتبه عند التعيين بـ 5000 آلاف دولار ويصل إلى 8000 دولار أميركي.  
 وكم توقفت امام برنامج خواطر من اليابان ومن هيروشيما التي عادت إلى قوتها الاقتصادية التي كانت عليها قبل سحقها بالنووي وخلال عشر سنوات، ونقل احمد الشقيري من اليابان تدريس مادة الأخلاق للمرحلة الابتدائية والجوالات مغلقة في القطارات والمطاعم والأماكن المغلقة، وأن المسمى في الجوال لوضعية الصامت هي كلمة (أخلاق) ولا يوجد رسوب من أولى ابتدائي إلى ثالث متوسط، اليابانيون أمة أخلاق انتصرت على النووية يا ليت امتنا تحذو حذو اليابان بغزو ثقافة الأميركان.
بقلم : سمير البرغوثي