ما هي دلالات هتاف الصدريين، إيران برة برة، في المنطقة الخضراء، مركز قهر العراق العربي؟
سؤال مهم، لكن من الخطأ أن يُبنى عليه وحده تصور عن تغيّر في مشهد العراق السياسي الكلي، خاصة مع فوضى الهيكل الإداري للسيد مقتدى الصدر واختراقاته المستمرة من شركاء البيت الشيعي، وعملاء رئيسيين لإيران زرعتهم حوله، ويلعبون دوراً حيويا في قلب مواقفه، التي لا ينكر أنها تتجه في أولها وطنيا، لكن تقلب في النهاية رأساً على عقب.
ولقد عملت طهران في اختراقها للتنظيمات الصدرية، على منهجية مهمة، فإضافةً لتهديدها بتصفية الصدر لو تطور موقفه إلى استقلال العراق، أو قبل بأي شراكة للعرب السنة في عملية سياسية جديدة تهدم مشروع الاحتلال، فاتبعت معه سياسة الإشغال بالتهييج الطائفي والهستيري الخرافي ضد المدنيين السنة، واستقطبت عناصر نوعية من الإرهابيين الصدريين، بعضهم نفّذ عملياته، بتحريض غير مسؤول من مقتدى، ولكن الأغلب كما يرى مراقبون، أنه تفويج واستقطاب من المخابرات الإيرانية وأطراف من البيت الشيعي، ولاؤها الانضباطي لإيران كليا.
وكانت أول عملية ارتكبت باسم الصدريين هي اغتيال مجيد الخوئي نجل المرجع الشهير، عند أول الاحتلال، لكن العملية ذكية واستراتيجية للغاية، فقد نفذتها طهران بين تيارين لهما خصومة تاريخية معها، في بيت الخوئي وبيت الصدر الممثلين للمرجعية العربية.
والتي تُنافس ليس المرجع علي السيستاني فحسب بل كل عمليات دمج الأعراق الفارسية في نسب آل البيت، واستخدامهم للإحلال التاريخي للمنظومة الفارسية ببعدها الطائفي الجديد، وفي مشروع امبراطورية إيران الكبرى.
ويحمل الصدريون قديما وحديثا إرثا من الصراع التاريخي مع إيران، لكنها حولت الكتلة الساذجة بينهم، ليكون مشروع ميليشيات الصدر حرباً على المدنيين السُنّة الأبرياء، انتصارا للتشيّع بحسب أدبياتهم، وهذا ساعدته كثيراً جرائم القاعدة سابقا وداعش حالياً ضد المدنيين الأبرياء الشيعة.
كل ذلك لا يُلغي أزمة البيت الشيعي وتأثير تمرد الصدر المتكرر عليه، في ظل غياب عراب المشروع د. خالص جلبي، وهو مهندس بنية الاحتلال عبر البوابة الطائفية، وأنتجت فكرته لصالح واشنطن وطهران كجسر عبور، لكنها اصطدمت بعدة منعطفات اضطرب معها مشروع الحكم الشيعي للعراق وأبرزها:
1 - أن ذات المشروع، كان لإنجاز اعلان الاحتلال بمباركة شيعية تستلم البلد شعبيا كغطاء للمحتل، ولم يكن مطلقا بنية سياسية قابلة للحياة المدنية، ولا حتى بنية مشروع طائفي مماثل لإيران، لرفض الأميركيين استنساخها.
2 - قهرية التصفية الوجودية المدنية والسياسية للعرب السنة، وهم من قاد مرحلة الاحتواء والشراكة المدنية للعراق تاريخياً، بغض النظر عن أنظمة الحكم المتعددة.
3 - فشلت الشيعية السياسية في العراق، في صناعة فكر الدولة، وبقيت مرتهنة لفكرة المظلومية، وتطوير الخرافة، التي عمل التنويريون الشيعة، خارج تنظيم إيران الحركي، عقودا على نقضها في العقل العراقي.
4 - انهيار الإدارة المهنية للدولة داخل بنية الشراكة السياسية، وتحول أحزابها، لمجموعات مصالح متوحشة، يتقدم فيها الهتاف الطائفي على العقل المهني، فأصبح الفساد جمهورية تقوم على ذات البناء، وليست خارجه.
هذه هي الأسباب الداخلية، ولم نتطرق لأي سبب خارج منظومة البيت الشيعي، ويبقى صعود الفكرة المدنية التقدمية لبعض شيعة العراق، من أكبر مهددات البيت الشيعي وحاضنه الإيراني، الذي لن يتخلى عن قبضته، وقد بات العراق والنجف وما تعنيه المدينة الدينية، منبراً لجمهوريته.
بقلم : مهنا الحبيل
سؤال مهم، لكن من الخطأ أن يُبنى عليه وحده تصور عن تغيّر في مشهد العراق السياسي الكلي، خاصة مع فوضى الهيكل الإداري للسيد مقتدى الصدر واختراقاته المستمرة من شركاء البيت الشيعي، وعملاء رئيسيين لإيران زرعتهم حوله، ويلعبون دوراً حيويا في قلب مواقفه، التي لا ينكر أنها تتجه في أولها وطنيا، لكن تقلب في النهاية رأساً على عقب.
ولقد عملت طهران في اختراقها للتنظيمات الصدرية، على منهجية مهمة، فإضافةً لتهديدها بتصفية الصدر لو تطور موقفه إلى استقلال العراق، أو قبل بأي شراكة للعرب السنة في عملية سياسية جديدة تهدم مشروع الاحتلال، فاتبعت معه سياسة الإشغال بالتهييج الطائفي والهستيري الخرافي ضد المدنيين السنة، واستقطبت عناصر نوعية من الإرهابيين الصدريين، بعضهم نفّذ عملياته، بتحريض غير مسؤول من مقتدى، ولكن الأغلب كما يرى مراقبون، أنه تفويج واستقطاب من المخابرات الإيرانية وأطراف من البيت الشيعي، ولاؤها الانضباطي لإيران كليا.
وكانت أول عملية ارتكبت باسم الصدريين هي اغتيال مجيد الخوئي نجل المرجع الشهير، عند أول الاحتلال، لكن العملية ذكية واستراتيجية للغاية، فقد نفذتها طهران بين تيارين لهما خصومة تاريخية معها، في بيت الخوئي وبيت الصدر الممثلين للمرجعية العربية.
والتي تُنافس ليس المرجع علي السيستاني فحسب بل كل عمليات دمج الأعراق الفارسية في نسب آل البيت، واستخدامهم للإحلال التاريخي للمنظومة الفارسية ببعدها الطائفي الجديد، وفي مشروع امبراطورية إيران الكبرى.
ويحمل الصدريون قديما وحديثا إرثا من الصراع التاريخي مع إيران، لكنها حولت الكتلة الساذجة بينهم، ليكون مشروع ميليشيات الصدر حرباً على المدنيين السُنّة الأبرياء، انتصارا للتشيّع بحسب أدبياتهم، وهذا ساعدته كثيراً جرائم القاعدة سابقا وداعش حالياً ضد المدنيين الأبرياء الشيعة.
كل ذلك لا يُلغي أزمة البيت الشيعي وتأثير تمرد الصدر المتكرر عليه، في ظل غياب عراب المشروع د. خالص جلبي، وهو مهندس بنية الاحتلال عبر البوابة الطائفية، وأنتجت فكرته لصالح واشنطن وطهران كجسر عبور، لكنها اصطدمت بعدة منعطفات اضطرب معها مشروع الحكم الشيعي للعراق وأبرزها:
1 - أن ذات المشروع، كان لإنجاز اعلان الاحتلال بمباركة شيعية تستلم البلد شعبيا كغطاء للمحتل، ولم يكن مطلقا بنية سياسية قابلة للحياة المدنية، ولا حتى بنية مشروع طائفي مماثل لإيران، لرفض الأميركيين استنساخها.
2 - قهرية التصفية الوجودية المدنية والسياسية للعرب السنة، وهم من قاد مرحلة الاحتواء والشراكة المدنية للعراق تاريخياً، بغض النظر عن أنظمة الحكم المتعددة.
3 - فشلت الشيعية السياسية في العراق، في صناعة فكر الدولة، وبقيت مرتهنة لفكرة المظلومية، وتطوير الخرافة، التي عمل التنويريون الشيعة، خارج تنظيم إيران الحركي، عقودا على نقضها في العقل العراقي.
4 - انهيار الإدارة المهنية للدولة داخل بنية الشراكة السياسية، وتحول أحزابها، لمجموعات مصالح متوحشة، يتقدم فيها الهتاف الطائفي على العقل المهني، فأصبح الفساد جمهورية تقوم على ذات البناء، وليست خارجه.
هذه هي الأسباب الداخلية، ولم نتطرق لأي سبب خارج منظومة البيت الشيعي، ويبقى صعود الفكرة المدنية التقدمية لبعض شيعة العراق، من أكبر مهددات البيت الشيعي وحاضنه الإيراني، الذي لن يتخلى عن قبضته، وقد بات العراق والنجف وما تعنيه المدينة الدينية، منبراً لجمهوريته.
بقلم : مهنا الحبيل