رغم أن التوافق الأممي النسبي على حكومة السرّاج في ليبيا تم، ولكنّه يعيش أزمة تدافع كبيرة جدا في أروقة الفرقاء والحلفاء، ولذلك فإن هذا التوافق واقع تحت ضغط تنازع شرس، تحكمه نوايا مصالح ونفوذ قديمة وحديثة، للعودة إلى نهر المصالح العظيم، الذي استنزف ليبيا تحت قيادة القذافي أو قبل الاستقلال. ولذلك فإن وصول داعش من عدمه لليبيا لم يكن ليغيّر صفقة الصراع الضخمة على بازار النفط الليبي، أو حتى المراهنة على تقسيمها، ثم وراثة عقود النفط، وهو أحد المحركات التي دفعت الغرب، لفصل جنوب السودان، فثُبتّت عقود النفط لشركاته الجديدة، ومعها أشتعل صراع القبائل الذي فتك تاريخيا بالقارة السمراء، من خلال التبشير الاستعماري والسلاح الحربي لكل الفرقاء.
ومن غرائب المفارقات، أن إخوان ليبيا قبلوا بهذه الحكومة، وبالمخرج المدني لاستقرار ليبيا، وهي خطوة صحيحة، حين توضع في سياق أن السلم الأهلي فريضة شرعية، قبل تحرير كيف ومتى تطبق الشريعة، وكيف تفرز شريعة الله عن شريعة داعش وغيرها.
في المقابل تحفظت مصر ورفض شركاء دوليون آخرون، هذه الحكومة، وأصروا على استمرار حرب اللواء حفتر، بدلاً من تعزيز السلم الأهلي، وإعطاء الشعب فرصة، لخوض تجربة انتخابية بعد استقرار أمنى، يُدشن فيه ليبيا الحديثة، فيطمئن أهلها ولا يهجّر المزيد، وتفتك بهم جهنم الحروب.
ولا نعرف إن كان المفتي الشيخ الغرياني، لا يزال في موقف الرافض لهذه الحكومة ان صح ما نقل عنه، وبالتالي تُستثمر فتاواه، لتحميله مالا يتحمل من مسؤولية تقديراته الصعبة، التي تحتاج أن تضع نصب عينيها قاعدة درء المفاسد، سواء في مفسدة الحرب، أو مفسدة التدخل الدولي الميداني الواسع.
كما أن السيد فايز السرّاج يحتاج إلى قلب معادلة الغرب، لتحويل حكومته لحرب وظيفية مؤقتة لداعش ثم يبحث استقرار ليبيا، في حين قاعدة الإنقاذ هي فلتستقر ليبيا لتواجه داعش، وتستأصلها والمستثمرين لها بقرار شعبي، مع الجهد العسكري.
وكل ما يقال عن النفوذ الدولي في حكومة السراج وغيره، معروف لكن هذا لا يُعادل مرحلة حضور الحرب الدولية في ليبيا، وليس من حسن العقيدة الدينية، استدعاء هذه الحروب، فتتحول ليبيا إلى أرض محروقة بين داعش أو حفتر، أو بقية الجماعات، وكل يهتف بنقاء الدين أو الوطنية النقية.
ومن الممكن إطلاق مبادرة مغربية خليجية، تدعم أي مساحة للاستقرار ممكن أن تحققها حكومة السرّاج، وتوحيد الجماعات العسكرية المنضبطة في جسم القوات المسلحة الشرعية، هذه المبادرة ستكون قادرة على اقناع الرئيس السيسي بالرجوع عن تدخله العسكري، واحتواء قوات اللواء حفتر سياسيا.
الغريب أن هذا البعد الإقليمي والدولي الذي مرر بعضه صفقة حكومة السراج، تخدمه مواقف بعض شركاء الثورة، وهي مواقف نتفهم دوافعها جيداً في حرص البعض على نقاء الثورة ومنتجاتها السياسية، لكن البلد اليوم في حربٍ شرسة، ومن الممكن أن تتحول إلى جحيم، يسحب ما تبقى من قرار من كل الثوار، ويُدفعون على هامش بلدهم، بين داعش العربية وداعش الدولية، التي تفتك اليوم بسورية.
فهي نظرية عبور ضرورية، وليست مواسم كسب انتخابي، إنه قرار لتبقى ليبيا وطناً لأهلها، ومن ثم لأمتها العربية والإسلامية، شريعة وحضارة، والتواني العربي عن تجسير الخلافات، سيخلق في ليبيا مركز تصدير جديد للتطرف، كما كانت أفغانستان، فأوقفوا حفنة الإرهاب الدولية والداعشية، لسلم أهل ليبيا وسلم ما تبقى من أمتنا العربية.
بقلم : مهنا الحبيل
ومن غرائب المفارقات، أن إخوان ليبيا قبلوا بهذه الحكومة، وبالمخرج المدني لاستقرار ليبيا، وهي خطوة صحيحة، حين توضع في سياق أن السلم الأهلي فريضة شرعية، قبل تحرير كيف ومتى تطبق الشريعة، وكيف تفرز شريعة الله عن شريعة داعش وغيرها.
في المقابل تحفظت مصر ورفض شركاء دوليون آخرون، هذه الحكومة، وأصروا على استمرار حرب اللواء حفتر، بدلاً من تعزيز السلم الأهلي، وإعطاء الشعب فرصة، لخوض تجربة انتخابية بعد استقرار أمنى، يُدشن فيه ليبيا الحديثة، فيطمئن أهلها ولا يهجّر المزيد، وتفتك بهم جهنم الحروب.
ولا نعرف إن كان المفتي الشيخ الغرياني، لا يزال في موقف الرافض لهذه الحكومة ان صح ما نقل عنه، وبالتالي تُستثمر فتاواه، لتحميله مالا يتحمل من مسؤولية تقديراته الصعبة، التي تحتاج أن تضع نصب عينيها قاعدة درء المفاسد، سواء في مفسدة الحرب، أو مفسدة التدخل الدولي الميداني الواسع.
كما أن السيد فايز السرّاج يحتاج إلى قلب معادلة الغرب، لتحويل حكومته لحرب وظيفية مؤقتة لداعش ثم يبحث استقرار ليبيا، في حين قاعدة الإنقاذ هي فلتستقر ليبيا لتواجه داعش، وتستأصلها والمستثمرين لها بقرار شعبي، مع الجهد العسكري.
وكل ما يقال عن النفوذ الدولي في حكومة السراج وغيره، معروف لكن هذا لا يُعادل مرحلة حضور الحرب الدولية في ليبيا، وليس من حسن العقيدة الدينية، استدعاء هذه الحروب، فتتحول ليبيا إلى أرض محروقة بين داعش أو حفتر، أو بقية الجماعات، وكل يهتف بنقاء الدين أو الوطنية النقية.
ومن الممكن إطلاق مبادرة مغربية خليجية، تدعم أي مساحة للاستقرار ممكن أن تحققها حكومة السرّاج، وتوحيد الجماعات العسكرية المنضبطة في جسم القوات المسلحة الشرعية، هذه المبادرة ستكون قادرة على اقناع الرئيس السيسي بالرجوع عن تدخله العسكري، واحتواء قوات اللواء حفتر سياسيا.
الغريب أن هذا البعد الإقليمي والدولي الذي مرر بعضه صفقة حكومة السراج، تخدمه مواقف بعض شركاء الثورة، وهي مواقف نتفهم دوافعها جيداً في حرص البعض على نقاء الثورة ومنتجاتها السياسية، لكن البلد اليوم في حربٍ شرسة، ومن الممكن أن تتحول إلى جحيم، يسحب ما تبقى من قرار من كل الثوار، ويُدفعون على هامش بلدهم، بين داعش العربية وداعش الدولية، التي تفتك اليوم بسورية.
فهي نظرية عبور ضرورية، وليست مواسم كسب انتخابي، إنه قرار لتبقى ليبيا وطناً لأهلها، ومن ثم لأمتها العربية والإسلامية، شريعة وحضارة، والتواني العربي عن تجسير الخلافات، سيخلق في ليبيا مركز تصدير جديد للتطرف، كما كانت أفغانستان، فأوقفوا حفنة الإرهاب الدولية والداعشية، لسلم أهل ليبيا وسلم ما تبقى من أمتنا العربية.
بقلم : مهنا الحبيل