+ A
A -

كلنا نرغب في أن نكون محبوبين ومقبولين اجتماعيّاً، لكن هذه الرغبة الإنسانية المتأصلة يمكن أن تعوقنا عن تحقيق المستقبل الذي ننشده، وذلك عندما نترك آراء الآخرين تقرر مصيرنا وكيف يجب أن نعيش حياتنا.

إن الرغبة في نيل استحسان الآخرين وقبولهم يمكن أن يخلق قلقاً مفرطاً ينعكس سلباً على حياتك. يمكن أن يكون منهكاً إلى درجة يحول بينك وبين الشعور بالرضا والراحة والانسجام مع المحيط الخارجي، بل وحتى حرمانك من تحقيق أحلامك.

لكن إذا توقفت قليلاً وتأملت فيما تجلبه محاولاتك المستميتة لإرضاء الآخرين واهتمامك الزائد بآرائهم لحياتك، فلسوف تكتشف أنه لا خير يتأتى من ذلك. صحيح أنه يحق للناس أن يفكروا فيما يريدونه، تماماً كما يحق لك التفكير فيما تريده، لكن ما يعتقده الآخرون عنك لا يمكن أن يغير من أنت أو ما تستحقه في هذه الحياة، إلا إذا سمحت لهم بذلك.

كثير من الناس وللأسف الشديد فقدوا ثقتهم بأنفسهم وتحطمت أحلامهم على مرأى منهم بسبب اكتراثهم لآراء من حولهم. تخيل أنك تريد التخصص في مجال معين تحبه وتعشقه من صميم قلبك، لكن المحيطين بك يرون أنك لو فعلت ذلك فأنت تقضي على مستقبلك وأن اختيارك خاطئ وساذج، لا لأنه كذلك بالفعل، بل لأن لديهم وجهات نظر مختلفة، فلا يدركون حقيقة ذلك الاختصاص والفرص التي يمكن أن يتيحها أمامك، وأنت بكل ببساطة تلبّي رغبتهم فتدخل اختصاصاً آخر لا تحبه، فتكون النتيجة إما رسوبك المتكرر في الجامعة أو تخرجك بمعدل متدنٍّ، ثم معاناتك في الوظيفة بعد ذلك، لأنك ستضطر للعمل في مجال لا تنسجم فيه.

الكثير من الناس يدخلون اختصاصات لا يرغبونها لمجرد أن أهاليهم أو أصدقاءهم يرون أنها الاختصاصات الأنسب لهم، فتكون الطامة الكبرى اضطرارهم للعمل سنوات طويلة بعد التخرج في مجالات لا يطيقونها، لتكون النهاية هي الفشل الذريع.

إن عشرات القرارات في شتى جوانب الحياة يتم اتخاذها يوميّاً بناء على آراء الآخرين وخوفنا من عدم إرضاء الجميع، بدلاً من أن نسعى لإرضاء أنفسنا، فتكون النتيجة هي فشلنا في الحصول على الحياة التي نحلم بها وعدم قدرتنا على تحقيق أهدافنا..لذا عليك أن تدرك أنه لن يستثمر أحد في حياتك مثلما تفعل، فأنت فقط تعرف ما هو الأفضل بالنسبة لك، وهذا يستلزم التعلم من اختياراتك وتجاربك. الطريقة الوحيدة التي ستتعلم من خلالها هي من خلال اتخاذ قراراتك الخاصة، وتحمل المسؤولية الكاملة عنها. وبهذه الطريقة إذا فشلت، على الأقل يمكنك التعلم من أخطائك، بدلاً من إلقاء اللوم على شخص آخر.

إن رأي شخص ما غالباً ما يعتمد على خلفيته الاجتماعية وتركيبته الذهنية والنفسية. وبالتالي، فما هو أفضل لشخص معين، يمكن أن يكون أسوأ شيء بالنسبة لك. ما يعتبره شخص ما بلا قيمة يمكن أن يكون كنزاً لشخص آخر. نحن جميعاً فريدون للغاية، لذا فأنت وحدك من تعرف ما هو الأنسب لك.

إذا كنت قلقاً على الدوام بشأن ما يعتقده الآخرون، فلن تصل إلى حيث تريد وتطمح. اعلم أنه مهما فعلت فسيتعين عليك القيام بأشياء لا تتوافق دائماً مع معايير أشخاص آخرين. لذا عليك اتخاذ قراراتك بغض النظر عن رأي بعض الناس. عش حياتك دون القلق بشأن أفكار الآخرين وآرائهم أو وجهات نظرهم، وستعيش حياتك إلى أقصى حد.

إن تسخير إمكاناتنا الفريدة دون الاهتمام الزائد بآراء الآخرين هو الطريق الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى النجاح. لديك حياة واحدة فقط لتحياها وتحقق من خلالها ذاتك، فلماذا تقضيها في القلق بشأن آراء الآخرين؟ افعل ما تريده، وكن من تريد، فرأي الناس لن يطعمك كسرة خبز.

copy short url   نسخ
12/12/2022
40