تحولت الأشياء إلى بكاء مطلق!! وتجمد الدمع في المآقي.. وصور التمزيق تأتي من اطراف حلب.. وعين السفاح على ادلب لارتكاب مجازر تتلو مجازر..
منطق مقلوب في الزمن المقلوب.. الزمن الملل.. الزمن الردة، الزمن الفتور.. العالم العربي.. المقهور المظلوم المتجمد الدمع في زمن البكاء المطلق.. الصريخ..
قلت لها سأكتب حزنا.. فأرسلت لي احتجاجا، دمعة ترفض حزني حتى في المقال.. ولا تريد أن أرى خيطا أسود في مقالتي.. قلت إذن سأرقص في ضوء القمر فرحا بيوم جديد وزمن جديد.
سأكتب عن تاء التأنيث.. وتاء التأنيت أمي، التي حملت بي في «شهوة ليلية» وألقت بي في ساعة ألم ليلية، وهدهدتني بترانيم من لغة الاحزان وارضعتني من نهديها في غفلة عن أبي، وروت لي حكايات تشبع الذاكرة.. تفرحها تحزنها، حكايات وحكايات.. وكل الحكايات بطلها «غول» وكل غول يأتي من الغرب.. وكل غول.. يستملك ويستعمر، ويثير الرعب، يهجر.. حكايات أمى «نص نصيص، محمد الشاطر» «الأميرة والغول» «بنت الغول» و«المارد» اشبعت ذاكرتي.. رغم انني كنت اعتبرها لزمن قريب بأنها «تخاريف» ولكن حين وجدت «الغول» و«المارد» حقيقة امامي.. عدت إلى ذاكرتي أستحضر «غول» أمي ولصقت صورته على قلبي.. حين رأيته يمزق الاشلاء في افغانستان ويتبعهم بأشلاء في الباكستان، ومن بعد في العراق بلد «العربان». ومن بعد في حلب بلد المارين إلى فتوحات أوروبا..
يا تاء التأنيث» من أين أتيت؟!
.. وايضا دعوني أحدثكم عن «تاء التأنيث» فكل الدول «أنثى»! وحتى التي لا تتمتع بالتاء المؤنثة تتعمد إضافتها.. فالأنثى هي «النصفين» وليس كما قالوا «نصف العالم» بل هي العالم كله..
وتاء التأنيث «بابلية».. وهي سبب كل تلك الكراهية على الذكورة العراقية، والبابلية انثى «هندية حمراء» انتقلت بذرتها منذ بدء التكوين إلى الاسكا وعبرت إلى ما اطلق عليه فيما بعد «اميركا» فكانت «الأصل» لمن عمروا اميركا قبل الكشف الاسباني.. والاستعمار البريطاني «فالهندية الحمراء» بابلية الجذور.. كما «كونتا كونتي» افريقي الجذور.. توقفت أمام ملامح «الهندية» وهي تروي لقناة «ديسكفري» اصلها القادم من بابل «الأنثى» شريكة العراق «الذكر» في انجاب البدء.
«العراق» الذكر، الذي أرسل لقاحه إلى ارجاء الأرض.. يجب أن يموت.. فأميركا شطبت «تاء التأنيث» لتتذكر ومع ذلك بقي معناها «انثى» في ظل بقاء العراق حيا يرزق تنام المحيطات بحضنه نشوى، وثوبه المطرز من بردى أخضر بابلية قصتي.. وبابل أنثى وذكرها عراق ومن العراق أبو الأنبياء ابراهيم، وفي العراق ولد يعقوب، ومن العراق عبر النهر إلى الأرض المقدسة «فلسطين» وبين العراق وفلسطين تزاوج، فالعراق الذكر وفلسطين هي الشريكة، وبينهما حبل ممتد منذ بدء التاريخ يتجاذبان، ينفصلان، ولكن في القلبين عشق الانثى للذكر، وعشق الذكر للانثى، ومن هنا كان الغضب على الذكر.
واذا تم استخلاص مادة الحياة من صلبه سيقطع الحبل - الخيط - ويبقى البرزخ قائما وتبقى «اسرائيل» الذكر، واسرائيل هو يعقوب ابن ابراهيم شقيق اسماعيل.
يا «تاء التأنيث» من أين أتيت، فحواء بلا تاء، والسماء بلا تاء، ونجلاء بلا تاء.. واسماء بلا تاء، وليلى بلا تاء، والنهد بلا تاء، فمن دس بك إلى لغة «الضاد» في غفلة من أهل الضاد لتكوني السر في القتل..والسر في النهب.. والسر في هذياني.
نبضة أخيرة
حين تعودين ترقص الشمس على أنغام القمر حتى يذوب!!

بقلم : سمير البرغوثي