+ A
A -
وعاد الدجاج إلى اقنانه، وأنا أحترم «الدجاج» منذ طفولتي، فهو وديع ومسالم.. ينام مع مغيب الشمس ويصحو مع أول صيحة «ديك» عندما يشق الفجر..ويبدأ النهار رتيبا، بالنسبة للدجاج يضع بيضه في الليل الهادئ ويخرج للحظيرة المسيجة، يتناول وجباته المعدة باتقان ولم يحاول مرة واحدة ان يتمرد على «راعي البستان».
تطوعت لمساعدة والدي في مزرعة كان يديرها.. وكم كنت أشعر بالزهو و«الدجاج» يتناول طعامه بهدوء وينام بهدوء، ويضع بيضه بهدوء، ويقدم فراخه للذبح بهدوء واجمل وجبة عندي هي «البيضة» مسلوقة ومقلية، والدجاج «المسخن» بالزيت والبصل فليس هناك اجمل من تناول طعام لا تمرد فيه ولا احتجاج.. فالدجاجة مسالمة على اعتقاد انها ستبقى في منأى عن المقصلة.
وعلمت اولادي حب «المسلوق والمسخن» والمقلي، ولكنهم تمردوا فأرسلتهم إلى «كنتاكي» فوجدوا الوجبة نفسها «الدجاج» المسالم مقدما بطريقة اميركية، و«كنتاكي» ولاية اميركية، تقدم الدجاج هدية لمن يحبون الدجاج، وتقدم القنابل هدية لمن يعيشون في حظائر الدجاج.
**
الشفاه تستعيد الاستعارة «اللهم احفظ الشعب العربي، من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه وأعوذ بعظمتك ان يغتال من تحته».
**
واللسان يستعيد الاستعارة:
«يا حامل مشكاة الغيب!
بظلمة عينيك.
ترنم من لغة الأحزان
فروحي عربية»..
والقلب يستعيد الاستعارة:
«يا هذا الظلامي بدمشق الممعن بالقتل
تزود قبل «حلب» بحبة تمر شامية».
**
والعين تستعيد الاستعارة:
«العربي له وجه وليس له لسان
ويلزمه السكوت مدى الأزمان».
**
والجسد يستعيد الاستعارة.
«والشظايا تستقيم على السهل رايه ترتخي مثل السنابل».
في انتظار صرخة التكوين
قمْ..
قم يا هذا الجسد المترهل فوق غبار الماضي، وارفع صوتك كصياح الديك عند الفجر، فالدجاج يجب أن يستيقظ ليضع بيضته الأخيرة.
نبضة أخيرة
أعود منك إليك.. وإن هجرتك أهجرك منك إليك فأنت وطن والوطن لا يباع في سوق ولا في مزاد.

بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
12/12/2016
965