لكل المهاجرين والراحلين قصة.. والقصة تروى..
كان الليل طويلاً.. والشارع بين الجهراء في الكويت والرويشد في الأردن طويلاً.. طويلاً والمخاطر على جنبات الطريق المظلم كبيرة.. والموت يلف الاشياء.. غادرت وعائلتي وابن عمي الشهيد أحمد وعائلته الجهراء آخر مدن الكويت الشمالية باتجاه العراق..
«وللشد من بعد ذلك شد.. وعلى مقود سيارتي في الظلام أشُد، وعلى دمعتي في الهزيع.. كما خصر أنثى أشد» النجوم في السماء لا تعد..
فتحت عيناي على كل اتساعهما ففي السماء طائرات.. وأنت هدف.. وكل شيء يتحرك هدف.. وحدكما في هذه الظلمة فراراً من الظلمة إلى بطن الظلمة بحثاً عن شمس مشرقة.. الجسد من التعب هُد.
تأبطت ذراعي وسادة وافترشت الطريق، وتلحفت السماء.. صحوت فجر الاثنين صليت ركعتين وفركت عينيّ الاثنتين ناديت ابنتي الكبرى ذات الجديلتين.. اسكبي لي كأسين.. وطلبت من زوجتي ان تفتح المذياع ذا السماعتين فانطلق صوت عبدالوهاب «خايف أقول اللي في قلبي».. كان ما في قلبه لا يقال، وما في قلبي لا يقال فقلبي على عجل للرحيل.. بعيداً بعيداً.. بعيداً عن الزمن المبتلي، فالشقيق يقف في وجه الشقيق والمعركة الفاصلة قادمة، نمت من جديد وصحوت صباح الاثنين، فيروز تغني «يا عاقد الحاجبين» ابتسمت فالأمة العربية قررت الدفاع عن الكويت وقررت الدفاع عن العراق وقررت تحرير فلسطين.. عقدت حاجبي نمت من جديد أفقت مساء الاثنين.. عبدالحليم يغني «المارد العربي» تساءلت: أين المارد؟ هل خرج من قمقمه.. عبدالحليم مات والمارد مات.. وأنا أنام من جديد لأصحو من جديد، فالحرب قادمة بعد عام.. عامين.. الحقد يتنامى بين الحكومتين.. بين الشعبين.. الأمة منقسمة قسمين.
بنيت قصوراً من الوهم.. فقد تدمرت العواصم والمدن الجميلة.. ذرفت كثيراً من الدمع، دارت الشمس دورتها.. وجدتني نائماً تحت الشراع.. عربية قصته، قالوا. صرخت: قصتي تخلت عن لغتي ما دمتم تصرخون في المغتصبة ان تسكت.. وتصرخون في وجه «المتمرد» ان يصمت، فأنا أبحث عن شمس أخرى تشرق في بلاد أخرى تعلن انتصارها على قصتي!!
نبضة أخيرة
علمتني الحكاية أن نهايات الحب لقاء!
بقلم : سمير البرغوثي
كان الليل طويلاً.. والشارع بين الجهراء في الكويت والرويشد في الأردن طويلاً.. طويلاً والمخاطر على جنبات الطريق المظلم كبيرة.. والموت يلف الاشياء.. غادرت وعائلتي وابن عمي الشهيد أحمد وعائلته الجهراء آخر مدن الكويت الشمالية باتجاه العراق..
«وللشد من بعد ذلك شد.. وعلى مقود سيارتي في الظلام أشُد، وعلى دمعتي في الهزيع.. كما خصر أنثى أشد» النجوم في السماء لا تعد..
فتحت عيناي على كل اتساعهما ففي السماء طائرات.. وأنت هدف.. وكل شيء يتحرك هدف.. وحدكما في هذه الظلمة فراراً من الظلمة إلى بطن الظلمة بحثاً عن شمس مشرقة.. الجسد من التعب هُد.
تأبطت ذراعي وسادة وافترشت الطريق، وتلحفت السماء.. صحوت فجر الاثنين صليت ركعتين وفركت عينيّ الاثنتين ناديت ابنتي الكبرى ذات الجديلتين.. اسكبي لي كأسين.. وطلبت من زوجتي ان تفتح المذياع ذا السماعتين فانطلق صوت عبدالوهاب «خايف أقول اللي في قلبي».. كان ما في قلبه لا يقال، وما في قلبي لا يقال فقلبي على عجل للرحيل.. بعيداً بعيداً.. بعيداً عن الزمن المبتلي، فالشقيق يقف في وجه الشقيق والمعركة الفاصلة قادمة، نمت من جديد وصحوت صباح الاثنين، فيروز تغني «يا عاقد الحاجبين» ابتسمت فالأمة العربية قررت الدفاع عن الكويت وقررت الدفاع عن العراق وقررت تحرير فلسطين.. عقدت حاجبي نمت من جديد أفقت مساء الاثنين.. عبدالحليم يغني «المارد العربي» تساءلت: أين المارد؟ هل خرج من قمقمه.. عبدالحليم مات والمارد مات.. وأنا أنام من جديد لأصحو من جديد، فالحرب قادمة بعد عام.. عامين.. الحقد يتنامى بين الحكومتين.. بين الشعبين.. الأمة منقسمة قسمين.
بنيت قصوراً من الوهم.. فقد تدمرت العواصم والمدن الجميلة.. ذرفت كثيراً من الدمع، دارت الشمس دورتها.. وجدتني نائماً تحت الشراع.. عربية قصته، قالوا. صرخت: قصتي تخلت عن لغتي ما دمتم تصرخون في المغتصبة ان تسكت.. وتصرخون في وجه «المتمرد» ان يصمت، فأنا أبحث عن شمس أخرى تشرق في بلاد أخرى تعلن انتصارها على قصتي!!
نبضة أخيرة
علمتني الحكاية أن نهايات الحب لقاء!
بقلم : سمير البرغوثي