لا أحد يستطيع أن ينكر ما حققته كأس العالم في قطر من تغيرات عميقة على مستوى الوعي الجمعي العالمي الذي لا تزال أصداؤه تتفاعل يوما بعد يوم ولا تكاد تتوقف. وهي تغيرات لا تجد معناها إلا متى تأسست على فهم أهداف الحملة الإعلامية الشرسة التي تعرضت لها الدوحة منذ أكثر من عشر سنوات والتي عرفت أوجها في الأسابيع القليلة التي سبقت انطلاق التظاهرة العالمية. أي أن ما تضمنته الحملات الإعلامية من أكاذيب وافتراءات وأراجيف عنصرية كانت لا تستهدف الدوحة وحدها وإنما تستهدف من ورائها العرب والمسلمين وما عاينه ضيوف قطر على أرض الواقع من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة وحسن التنظيم هو الأساس الذي قامت عليه تغيرات هذا الوعي الجمعي.
من جهة أولى أيقن العرب والمسلمون أنهم منخرطون بالضرورة في هذا التشويه الإعلامي المتعمد الذي ظهر زيفه حين حطوا رحالهم بالدوحة وحين نقلت شاشات التلفاز إلى مئات الملايين من المشاهدين روعة التنظيم وحسن الاستقبال والثبات على المبادئ والقيم. أثبتت الكأس قدرة العرب على تغيير منطق اللعبة وعلى فرض نواميس جديدة.
لم يكن ذلك بالأمر الهين على القطريين الذين تحملوا باسم العرب والمسلمين أصنافا من التشويه والتزييف شاركت فيها للأسف قوى عربية عن قصد أو عن غفلة.
لكن مع انطلاق البطولة ومنذ الدور الأول ظهر لجميع المراقبين في الداخل والخارج أن الدوحة بصدد كتابة تاريخ جديد لا للعبة فقط بل لتصوّر العرب لأنفسهم ولقيمهم وحتى لقدرتهم على الفوز والانتصار على أعتى الفرق الأوروبية والأميركية التي كنا نظنها لا تهزم.
ما حققته كأس العالم قطر 2022 لن يتوقف عند هذا الحد بل سيمثل نقطة تحوّل تاريخية في وعي الشعوب وفي قدراتها على الانتصار والفوز. فشكر لقطر وشكرا للقيادة القطرية وشكرا لكل القائمين على هذه المغامرة التاريخية التي ستؤسس حتما لعصر عربي جديد.hnidmohamed@gmail.com