+ A
A -
في آخر خطاب له حول الإرهاب العالمي، وقبل أن يسلم السلطة بأيام للقادم الجديد إلى البيت الأبيض، دافع باراك أوباما عن النهج الذي اتبعه في محاربة الإرهاب والذي لخصه في إقامة شبكة واسعة من الشركاء والعمل باستراتيجية ذكية يمكن أن تصمد. ومع أنه كان يتحدث عن القضية بشكل عام، إلا أن حديثه كان في الحقيقة تحذيرا موجها إلى دونالد ترامب الذي تعهد خلال حملته الانتخابية بتغيير شامل في استراتيجية أوباما بالنسبة للسياسة الخارجية والأمنية.
ولا شك أن أوباما كان جادا في مخاوفه مما تنتويه الإدارة الجديدة، ولا شك أن نهج المشاركة الذي تبناه كان صائبا تصحيحا لنهج من سبقه، ولكن ما أغفله هو تقييمه لاستراتيجيته في مكافحة الإرهاب الدولي، هل كانت ناجحة حقا أم فاشلة أم حققت نجاحا منقوصا؟. وفي هذه الحالة كان يتعين عليه أن يوضح لمن يخلفه ما واجه هذه الاستراتيجية من عقبات لكي يتجنبها لو راجع نفسه وقرر العمل بها.
لقد تأخرت إدارة أوباما كثيرا في تفعيل نهج الشراكة أو بناء التحالفات للقضاء على الإرهاب. وعندما أدرك أوباما حجم الخطر والخطأ أيضا شكل تحالف دوليا قويا أو شراكة موسعة لخوض حرب طويلة المدى وضخمة التكلفة للقضاء على الإرهاب الذي اتسع نطاقه ليتجاوز المنطقة ويصل إلى قلب أوروبا. وفي الطريق دفع الجميع ثمنا باهظا كان بالإمكان تفاديه لو لم تتردد إدارة أوباما وتتعامل مع الظاهرة بخفة.
وإلى جانب التردد والوصول متأخرا بعد أن استفحل الخطر، كانت هناك مشكلة أخرى أضعفت من الجدوى الحقيقية والمنتظرة من نهج الشراكة الذي سارت عليه إدارة أوباما، وهي غموض الإطار السياسي لعمل التحالفات. وقد نتج هذا الغموض في الحقيقة من الظروف المعقدة لمراحل الانتقال السياسي في البلدان التي تعرضت لثورات ما يسمى بالربيع العربي، حيث تداخل الإرهاب مع مجريات التحولات التي وقعت في هذه البلدان مع أنهما موضوعين مختلفين ومتعارضين مع بعضهما تماما.ما عرقل المهمة وجعل نجاحها محدودا أو منقوصا بطعم الفشل، هو عدم الاتفاق أصلا على تعريف الإرهاب من عدمه فما يعد جماعة إرهابية في نظر البعض يعد جماعة معارضة مشروعة في نظر البعض الآخر. وبسبب التداخل الذي أفرزه الواقع بين جماعات الإرهاب وجماعات المعارضة، ومع مرور الوقت دون تحقق الأهداف التي اندلعت بسببها موجات التغيير الثورية تغيرت مهمة التحالفات لتشمل تحقيق التسويات السياسية للأزمات بجانب الحرب على الإرهاب أو على أقل تقدير مساندة المعارضة في تحقيق أهدافها. وهنا برزت مشكلة جديدة زادت الوضع تعقيدا تتعلق بالأولويات، هل يبدأ العمل بالتركيز على التخلص من الإرهاب، أم بالتركيز على دعم المعارضة لإنجاح ما طالبت به الثورات،أم بالعمل في الاتجاهين؟. وكشفت الممارسة عن الاستغراق في جدل طويل لاختيار أي من المسارات الثلاثة، والنتيجة هي أن انجازا ذي مغزى لم يتحقق لا على صعيد الإرهاب، ولا على صعيد دعم الثورات!.
ما أعاق نهج الشراكة الذي عمل به أوباما هو غياب الرؤية السياسية لما يتفق عليه الشركاء من أهداف وأسلوب عمل، وما يتحملونه من واجبات، وما يلتزمون به من مسؤوليات، وكذلك ضعف الثقة المتبادل بينهم، والأخطر أن المصلحة لم تكن واحدة في نهاية المطاف. صحيح أن المصلحة من أسرار السيادة لكل طرف يضعها دائما في مقدمة النقاش والحوار، ولكن في مهمة بحجم القضاء على الإرهاب يتحتم أن تكون المصلحة واحدة وواضحة وضوح الشمس. ولعل الخلاف الروسي الأميركي في الأزمة السورية خير دليل على ذلك. وبالنظر إلى الأجواء السلبية المصاحبة لنتائج الانتخابات الأميركية وأبرزها الانقسام الذي دب في أوساط الغرب عموما فإن فرص نهج الشراكة وفقا لما كانت عليه رؤية أوباما تتضاءل ومهددة بأن تتلاشى، والنتيجة هي أن المواجهة الدولية مع الإرهاب تراجعت في حقيقة الأمر ولم تتقدم.
ولا شك أن أوباما كان جادا في مخاوفه مما تنتويه الإدارة الجديدة، ولا شك أن نهج المشاركة الذي تبناه كان صائبا تصحيحا لنهج من سبقه، ولكن ما أغفله هو تقييمه لاستراتيجيته في مكافحة الإرهاب الدولي، هل كانت ناجحة حقا أم فاشلة أم حققت نجاحا منقوصا؟. وفي هذه الحالة كان يتعين عليه أن يوضح لمن يخلفه ما واجه هذه الاستراتيجية من عقبات لكي يتجنبها لو راجع نفسه وقرر العمل بها.
لقد تأخرت إدارة أوباما كثيرا في تفعيل نهج الشراكة أو بناء التحالفات للقضاء على الإرهاب. وعندما أدرك أوباما حجم الخطر والخطأ أيضا شكل تحالف دوليا قويا أو شراكة موسعة لخوض حرب طويلة المدى وضخمة التكلفة للقضاء على الإرهاب الذي اتسع نطاقه ليتجاوز المنطقة ويصل إلى قلب أوروبا. وفي الطريق دفع الجميع ثمنا باهظا كان بالإمكان تفاديه لو لم تتردد إدارة أوباما وتتعامل مع الظاهرة بخفة.
وإلى جانب التردد والوصول متأخرا بعد أن استفحل الخطر، كانت هناك مشكلة أخرى أضعفت من الجدوى الحقيقية والمنتظرة من نهج الشراكة الذي سارت عليه إدارة أوباما، وهي غموض الإطار السياسي لعمل التحالفات. وقد نتج هذا الغموض في الحقيقة من الظروف المعقدة لمراحل الانتقال السياسي في البلدان التي تعرضت لثورات ما يسمى بالربيع العربي، حيث تداخل الإرهاب مع مجريات التحولات التي وقعت في هذه البلدان مع أنهما موضوعين مختلفين ومتعارضين مع بعضهما تماما.ما عرقل المهمة وجعل نجاحها محدودا أو منقوصا بطعم الفشل، هو عدم الاتفاق أصلا على تعريف الإرهاب من عدمه فما يعد جماعة إرهابية في نظر البعض يعد جماعة معارضة مشروعة في نظر البعض الآخر. وبسبب التداخل الذي أفرزه الواقع بين جماعات الإرهاب وجماعات المعارضة، ومع مرور الوقت دون تحقق الأهداف التي اندلعت بسببها موجات التغيير الثورية تغيرت مهمة التحالفات لتشمل تحقيق التسويات السياسية للأزمات بجانب الحرب على الإرهاب أو على أقل تقدير مساندة المعارضة في تحقيق أهدافها. وهنا برزت مشكلة جديدة زادت الوضع تعقيدا تتعلق بالأولويات، هل يبدأ العمل بالتركيز على التخلص من الإرهاب، أم بالتركيز على دعم المعارضة لإنجاح ما طالبت به الثورات،أم بالعمل في الاتجاهين؟. وكشفت الممارسة عن الاستغراق في جدل طويل لاختيار أي من المسارات الثلاثة، والنتيجة هي أن انجازا ذي مغزى لم يتحقق لا على صعيد الإرهاب، ولا على صعيد دعم الثورات!.
ما أعاق نهج الشراكة الذي عمل به أوباما هو غياب الرؤية السياسية لما يتفق عليه الشركاء من أهداف وأسلوب عمل، وما يتحملونه من واجبات، وما يلتزمون به من مسؤوليات، وكذلك ضعف الثقة المتبادل بينهم، والأخطر أن المصلحة لم تكن واحدة في نهاية المطاف. صحيح أن المصلحة من أسرار السيادة لكل طرف يضعها دائما في مقدمة النقاش والحوار، ولكن في مهمة بحجم القضاء على الإرهاب يتحتم أن تكون المصلحة واحدة وواضحة وضوح الشمس. ولعل الخلاف الروسي الأميركي في الأزمة السورية خير دليل على ذلك. وبالنظر إلى الأجواء السلبية المصاحبة لنتائج الانتخابات الأميركية وأبرزها الانقسام الذي دب في أوساط الغرب عموما فإن فرص نهج الشراكة وفقا لما كانت عليه رؤية أوباما تتضاءل ومهددة بأن تتلاشى، والنتيجة هي أن المواجهة الدولية مع الإرهاب تراجعت في حقيقة الأمر ولم تتقدم.