هل نبكي على من صعدت أرواحهم إلى الباري ليسألها سبحانه بأي ذنب قتلت؟.. أم نبحث عن السؤال: لماذا قتلت؟.. وهل من قتلوا في عاصمة الرشيد بالأمس.. هم بداية لمن قتلوا في عاصمة الحمدانيين اليوم.. ومن سيدفنون في عواصم ومدن تالية.. اذا استمر التغاضي الدولي ولم يقدم المجرمون إلى محكمة العدل الدولية؟
إلى زمن قريب لم أكن أحترم قرار السنة في الشام.. من صلاح جديد الذي أعاد حافظ الأسد إلى الخدمة ثم انقلب عليه، إلى نائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام السياسي السوري السني الذي انطلت عليه وهو المحنك خدعة رئيسه حافظ الأسد..
فقبل حوالي خمسة وأربعين عاماً، قام حافظ الأسد بانقلاب عسكري، استولى فيه على السلطة بشكل مباشر، بعدما تلاعب بكل رفاقه. ولما كان ينتمي لطائفة تمثل أقلية عددية (النصيريين/العلويين)، في بلد يمثل المسلمون السنة حوالي ثمانين بالمائة من سكانه، فلم يكن بإمكانه حينها توطيد أركان حكمه حديث العهد، على قاعدة «تحالف الأقليات» الشهيرة، فمجموع هذه الأقليات هناك لا يصل إلى الربع، ووضعها في ذلك الوقت كان مازال ضعيفا، في بلد كان مقرا لخلافة المسلمين (السنة) على عهد الأمويين، ولم يشهد حكاما من غيرهم طوال أربعة عشر قرناً، فقد بحث عقله الشيطاني عن حل للمعضلة، فقاده إلى هذه الفكرة المكيافيلية القديمة قِدَم بَنِي آدم؛ المصالح. عرض على كبار التجار السوريين (وهم من السنة) صفقة مغرية، وهو الذي خبُرهم، ويعرف أغوارهم: لكم المال والتجارة، ولنا (النصيريين) الحكم والجيش. لم يخيبوا ظنه، فدفعهم الطمع لابتلاع الطُّعم بغباوة فاضحة! ومن نافلة القول، أنه حين نتحدث عن التجارة والمال في الشام، فنحن نقصد حلب، العاصمة الاقتصادية للإقليم.
كان مخططا ان تندلع الثورة بعد العام 1980 -بدوافع دينية- على ظلم النظام في «حماة»، ليرد عليها السفاح بمحو المدينة -في مجزرة لم تُكتب صفحاتها بعد- فيصمت «الحلبيون» صمت الأموات! أخرسهم سيف «أسد»، بعدما أغواهم رنينه الأجوف بذهب مغشوش، لم يدم بريقه طويلا، إذ أن النظام اللص -ككل نظام لص- بعدما استتب له الأمر، بدأ يطمع فيما يحوزه هؤلاء من مال وتجارة بل ونساء فكانت زوجة بشار اسماء بنت حلب.
فلما ثار السوريون- بدوافع اجتماعية- في «درعا»- المهمشة- كانت النقمة على سَحْب «نظام أسد» لبساط المال الذي امتلكوه تاريخيا من تحت أقدامهم، دافعاً رئيسيا في تسخين أهل حلب، الذين- كما يسجل التاريخ- كانوا آخر من التحق بقطار الثورة السورية، وظلوا يراوحون، محاولين النجاة بما تبقى لهم من فتات!
اليوم، وقد هرب كبار التجار بأموالهم -كعادة كل فئران السفن الغارقة- إلى ملاذات أكثر أمنا، وتشرد أغلب السكان حيثما ألقت بهم المقادير، وبقي من بقي يعاني الذبح والسلخ والذل على أيدي الجلادين...
ولن تعود سوريا سوريا الا ذا عاد للسنة فيها الكلمة.. ولهذا فالتغيير الديموغرافي الذي يجري الآن واستقدام علويين ونصيريين وشيعة لإسكانهم محل المرحلين من أهل السنة الذين استكانوا لحزب البعث..
أمة من مأساة إلى مأساة.. ومن ملهاة إلى ملهاة.. بان كي مون أمين الأمم المتحدة قالها بملء الفم «بعد سبعة عقود.. لم تولد الدولة الفلسطينية.. لسنا مستعجلين يا سعادة الأمين للننتظر اكتمال الحمل حتى التسعة عقود حتى لا تولد الدولة ناقصة رأسا أو قدما أو قلبا.. وتكون عالة على العائلة العربية.. أو تتحول إلى دولة على غرار شقيقاتها العربيات.. مظاهرة تتحول إلى ثورة تتصاعد.. تتحول إلى انقلاب تتصاعد.. تصبح مجزرة.. مهلا سيادة الأمين العام لسنا مستعجلين على قيام دولة فلسطينية.. والله أقولها من كل قلبي.. لأن نواة الدولة التي أقيمت في رام الله ولدت في الشهر الخامس وحبلها السري ممتد إلى القاهرة.. وممتد إلى دمشق.. والناتج ونحشى من أن يكون المقبل انقلابا أو مجزرة.. مهلا.. لم ننضج بعد ليكون للفلسطينيين دولة على غرار سويسرا أو السويد أو فنلندا.. لننتظر ليعود الحسب إلى الشام والعلا إلى أم الدنيا.. فهما جناح هذه الأمة وفلسطين قلبها.. ولا يزال الجناحان محطمين.. حتى قال لي طبيب مخضرم.. «والله أريد استمرار الوضع الحالي في مصر إلى 20 سنة.. حتى يذوق من أيّد حرق رابعة وبال ما جنت اياديهم»..
لننتظر عشرين عاما إلى أن يعود العلا إلى أم الدنيا ويعود المجد والحسب إلى الشام..
لننتظر تسعة عقود سيادة الأمين حتى يكتمل الحمل.. فالصليبيون رحلوا عن فلسطين بعد تسعة عقود.. ولم يبق سوى عقدين وسيرحل بني صهيون..
نبضة أخيرة
امرأة راجحة العقل.. بقبيلة نساء..
بقلم : سمير البرغوثي
إلى زمن قريب لم أكن أحترم قرار السنة في الشام.. من صلاح جديد الذي أعاد حافظ الأسد إلى الخدمة ثم انقلب عليه، إلى نائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام السياسي السوري السني الذي انطلت عليه وهو المحنك خدعة رئيسه حافظ الأسد..
فقبل حوالي خمسة وأربعين عاماً، قام حافظ الأسد بانقلاب عسكري، استولى فيه على السلطة بشكل مباشر، بعدما تلاعب بكل رفاقه. ولما كان ينتمي لطائفة تمثل أقلية عددية (النصيريين/العلويين)، في بلد يمثل المسلمون السنة حوالي ثمانين بالمائة من سكانه، فلم يكن بإمكانه حينها توطيد أركان حكمه حديث العهد، على قاعدة «تحالف الأقليات» الشهيرة، فمجموع هذه الأقليات هناك لا يصل إلى الربع، ووضعها في ذلك الوقت كان مازال ضعيفا، في بلد كان مقرا لخلافة المسلمين (السنة) على عهد الأمويين، ولم يشهد حكاما من غيرهم طوال أربعة عشر قرناً، فقد بحث عقله الشيطاني عن حل للمعضلة، فقاده إلى هذه الفكرة المكيافيلية القديمة قِدَم بَنِي آدم؛ المصالح. عرض على كبار التجار السوريين (وهم من السنة) صفقة مغرية، وهو الذي خبُرهم، ويعرف أغوارهم: لكم المال والتجارة، ولنا (النصيريين) الحكم والجيش. لم يخيبوا ظنه، فدفعهم الطمع لابتلاع الطُّعم بغباوة فاضحة! ومن نافلة القول، أنه حين نتحدث عن التجارة والمال في الشام، فنحن نقصد حلب، العاصمة الاقتصادية للإقليم.
كان مخططا ان تندلع الثورة بعد العام 1980 -بدوافع دينية- على ظلم النظام في «حماة»، ليرد عليها السفاح بمحو المدينة -في مجزرة لم تُكتب صفحاتها بعد- فيصمت «الحلبيون» صمت الأموات! أخرسهم سيف «أسد»، بعدما أغواهم رنينه الأجوف بذهب مغشوش، لم يدم بريقه طويلا، إذ أن النظام اللص -ككل نظام لص- بعدما استتب له الأمر، بدأ يطمع فيما يحوزه هؤلاء من مال وتجارة بل ونساء فكانت زوجة بشار اسماء بنت حلب.
فلما ثار السوريون- بدوافع اجتماعية- في «درعا»- المهمشة- كانت النقمة على سَحْب «نظام أسد» لبساط المال الذي امتلكوه تاريخيا من تحت أقدامهم، دافعاً رئيسيا في تسخين أهل حلب، الذين- كما يسجل التاريخ- كانوا آخر من التحق بقطار الثورة السورية، وظلوا يراوحون، محاولين النجاة بما تبقى لهم من فتات!
اليوم، وقد هرب كبار التجار بأموالهم -كعادة كل فئران السفن الغارقة- إلى ملاذات أكثر أمنا، وتشرد أغلب السكان حيثما ألقت بهم المقادير، وبقي من بقي يعاني الذبح والسلخ والذل على أيدي الجلادين...
ولن تعود سوريا سوريا الا ذا عاد للسنة فيها الكلمة.. ولهذا فالتغيير الديموغرافي الذي يجري الآن واستقدام علويين ونصيريين وشيعة لإسكانهم محل المرحلين من أهل السنة الذين استكانوا لحزب البعث..
أمة من مأساة إلى مأساة.. ومن ملهاة إلى ملهاة.. بان كي مون أمين الأمم المتحدة قالها بملء الفم «بعد سبعة عقود.. لم تولد الدولة الفلسطينية.. لسنا مستعجلين يا سعادة الأمين للننتظر اكتمال الحمل حتى التسعة عقود حتى لا تولد الدولة ناقصة رأسا أو قدما أو قلبا.. وتكون عالة على العائلة العربية.. أو تتحول إلى دولة على غرار شقيقاتها العربيات.. مظاهرة تتحول إلى ثورة تتصاعد.. تتحول إلى انقلاب تتصاعد.. تصبح مجزرة.. مهلا سيادة الأمين العام لسنا مستعجلين على قيام دولة فلسطينية.. والله أقولها من كل قلبي.. لأن نواة الدولة التي أقيمت في رام الله ولدت في الشهر الخامس وحبلها السري ممتد إلى القاهرة.. وممتد إلى دمشق.. والناتج ونحشى من أن يكون المقبل انقلابا أو مجزرة.. مهلا.. لم ننضج بعد ليكون للفلسطينيين دولة على غرار سويسرا أو السويد أو فنلندا.. لننتظر ليعود الحسب إلى الشام والعلا إلى أم الدنيا.. فهما جناح هذه الأمة وفلسطين قلبها.. ولا يزال الجناحان محطمين.. حتى قال لي طبيب مخضرم.. «والله أريد استمرار الوضع الحالي في مصر إلى 20 سنة.. حتى يذوق من أيّد حرق رابعة وبال ما جنت اياديهم»..
لننتظر عشرين عاما إلى أن يعود العلا إلى أم الدنيا ويعود المجد والحسب إلى الشام..
لننتظر تسعة عقود سيادة الأمين حتى يكتمل الحمل.. فالصليبيون رحلوا عن فلسطين بعد تسعة عقود.. ولم يبق سوى عقدين وسيرحل بني صهيون..
نبضة أخيرة
امرأة راجحة العقل.. بقبيلة نساء..
بقلم : سمير البرغوثي