استطاعَ «كورما ديزن» أن يجمعَ ثروةً كبيرةً من إتقانه صنع الشاي الياباني حتى صارَ أُسطورة فيه. وعَلِمَ «ديزن» أن صديقه «شينو سويمون» قد استدانَ مبلغاً كبيراً من المالِ ليُسدد دَين قريب له. وكان «ديزن» يعلمُ أن صديقه «سويمون» قد وقعَ في ورطة، فأرادَ أن يُساعده ولكن بطريقةٍ غير جارحة لِما كان يعلمُ من عِزَّةِ نفسه، فكان لا بُدَّ من الحيلة!

زارَ «ديزن» صديقه في بيته، وأخذَ يمتدحُ لوحةً بسيطةً على الجدار كأنها الموناليزا، وعلى وقعِ المديحِ الهائلِ نزعَ «سويمون» اللوحةَ عن الجدار وأهداها «لديزن» الذي قَبِلَها بكثيرٍ من الترحاب.

وفي اليوم التالي أرسلَ «ديزن» إلى «سويمون» مزهريةً فيها رسالة يقولُ فيه:

أردتُ أن أشكركَ على كرمك البارحة معي، تقبَّلْ مني هذه الهدية، هذه مزهريةٌ قيمةٌ من صُنع الفنان «صن نوركيو» وعليها كتابات بخطِ يدِ الإمبراطور العظيم «هيديوشي»، فإن لم تكُنْ مُهتماً بهذا النوع من التُحف، يُمكنك بيعها إلى «كاواشا سانيمون» إنه يسعى منذ سنوات لامتلاكها. وكان «كاواشا» هو صاحب الدَّيْن.

ذهبَ «سويمون» إلى «كاواشا» بالمزهريةِ فذهلَ بها وعرضَ عليه أن يشتريها مقابل الدين الذي عليه، بل ويُعطيه فوق ذلك مبلغاً إضافياً، وهكذا تمتْ الصفقة، وقُضي الدَّيْن بلا حرج!

أحياناً يكونُ العطاءُ المُباشرُ جارحاً، فلا بُدَّ من خطةٍ تُرمِّمُ الكبرياءَ ولا تُريق ماء الوجه!

الناسُ قبل أن يكون لديهم حاجات لديهم كرامات، وأن تتركَ إنساناً لحاجته أفضل من أن تقضيها له وتهدر له كرامته!

كانَ جابر بن عبدالله فقيراً، وصادفَ أن تزوَّج، فأراد النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُساعدَه بشيء، وكانا عائدين من غزوة، فقالَ له: يا جابر بِعْني جملك؟

فقال له جابر: هو لك!

فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: آخذه بكذا وكذا.

فلمَّا وصلا إلى المدينة، قالَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لبلال بن رباح: أعطِ جابراً ثمن جمله.

فقامَ بلال فأعطاه، ولما أرادَ جابر أن ينصرفَ، قال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: خُذْ جملكَ معكَ!

لكل شيءٍ في هذه الدنيا أدب، وأدبُ العطاءِ حفظُ الكرامات!