+ A
A -

في الحكايا الإفريقية الشَّعبية، حكاية طريفة تقول إنَّ بعض الصيادين طاردوا حيَّةً وأرادوا قتلها، فطلبتْ من فلَّاحٍ أن يُنقذَها، فلم يجدْ مكاناً يُخبئها به، وعندما اقتربَ الصيادون قالَ لها: حسناً في بطني مكان آمن لكِ! وفتحَ فمه وسمحَ لها أن تزحفَ إلى بطنه ببطء!

وعندما ذهبَ الخطر طلبَ منها أن تخرجَ فرفضتْ، فقد كان المكانُ آمناً ودافئاً!

وفي طريقِ العودةِ إلى البيت، رأى الفلاحُ طائرَ مالك الحزين، فقال في نفسه: لا بُدَّ أنه يعرف طريقة، فاقتربَ منه وهمسَ في أُذنه بالمشكلة!

فقالَ له مالك الحزين: الأمرُ بسيط، عليكَ أن تُصدرَ حازوقة وراء حازوقة حتى تخرج الحية!

وبالفعل بدأَ الفلاحُ بتنفيذِ الخطةِ التي كانتْ ناجحة جداً! وعندما أطلَّت الحيَّة برأسها من فمِ الفلاح، تناولَها مالك الحزين بمنقارِه الطويل وأكلَها!

ولكن الفلاح أعربَ لمالك الحزين عن خشيته من أن تكون الحية قد تركتْ شيئاً من سمِّها في بطنه!

فقالَ له مالك الحزين: علاجُ سم الحياتِ أن تطبخَ ستة طيور بيضاء في قدرٍ كبيرٍ ثم تأكلها.

فقالَ له الفلاح: أنتَ طائر أبيض، وتصلحُ كبداية! وأخذ برقبته، ووضعَه في كيس!

في البيت حدَّثَ الفلاحُ زوجته عما حدثَ معه، فقالتْ له: يا لكَ من جاحد، لقد خلصكَ مالك الحزين من الحية، ثم وصفَ لكَ دواءً، فلم يجدْ منك إلا النكران!

وقامتْ إلى الكيس، وأطلقتْ مالك الحزين، وكان أول ما فعله الطائر قبل أن يهربَ أن فقأَ عينيها انتقاماً من زوجِها!

في الغالبِ إن الذي يصنعُ المعروف لا ينتظرُ سَداداً لمعروفه، ولكن الجُحود مؤلم!

لا شيء أكثر أذية من أن تجعلُ أحدهم يندم على الخيرِ الذي قدَّمه لك!

وقديماً قالوا: ليسَ عليكَ أن تردَّ المعروف، ولكن كُنْ أرقى من أن تُنكره!

لا شيء يُهوِّنُ إسداء المعروف غير أن يكونَ للهِ، فإن أثمرَ مع الناسِ جمعَ أجر الآخرةِ وسعادة الدنيا، وإن أجدبَ ولم يُثمرْ يكفي أنه عند الله يُثمر!

وما أجمل قول ابن الجوزي:

اِصنعْ الخير وليقعْ حيث يقع. فإن وقع عند أهله فهم أهله، وإن لم يقع عند أهله فأنتَ أهله!

copy short url   نسخ
22/12/2022
595