كانَ «للحسن البصري» جار نصراني، وكانَ له مرحاض على السطح، وكانَ في المرحاض ثُقب يتسللُ منه البول في بيتِ الحَسَن!

وكانَ الحسنُ أمرَ بإناءٍ فَوُضِعَ تحته، وكانَ يُخرِجُ ما يجتمعُ منه ليلاً، ومضى على ذلكَ عشرون سنة!

ثم مرضَ الحسنُ ذات يومٍ فعاده النصراني، فرأى ذلك.

فقالَ له: مُذ كم تحملونَ مني هذا الأذى؟

فقالَ الحسنُ: مُنذ عشرين سنة!

فقالَ له جاره: واللهِ إنه لَدِين خُلُق، أشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وأشهدُ أنَّ مُحمداً رسولُ الله!

عظيمٌ هذا الدين حين يُخالطُ روحَ المُسلمِ فيجعله كائناً نورانياً خلوقاً يجذبُ القلوب كما يجذبُ المغناطيسُ بُرادةَ الحديد!

عندما فتحَ الصحابةُ بلادَ الشام، ورأى النَّصارى هناك حُسن أخلاقهم، قالوا: واللهِ لهؤلاء خيرٌ من الحواريين!

وأجمل النياشين ما قلَّدكَ إياه مُخالِفوك!

في كتابه «الإسلام» يقولُ المفكرُ والقانوني الفرنسي «دومنيك سورديل»:

لا يُمكن إنكار أنَّ الإسلام مارسَ فضائلَ حقيقيةً، وخاصة منها الفضائل الاجتماعية الَّتي هي بالأساسِ استجابة لنداءاتِ القُرآن.

وفي كتابه «قصة الحضارة» يقولُ «ول ديورانت»:

كانَ المسلمُ أرقى من المسيحي في خُلُقه التجاري، وفي وفائه بعهده، وإخلاصهِ للمُعَاهداتِ التي يعقدُها مع غيره!

وفي كتابه «الدعوة إلى الإسلام» يقولُ البريطاني «توماس أرنولد»:

لم يجدْ المُحاربون النَّصارى بعد هزيمتهم في بلادِ الشامِ من يحنو عليهم مثل المُسلمين الذين كانوا بالأمسِ ألد أعدائهم، لقد أسلموا لأنَّهم وجدوا من الرحمةِ والتقديرِ ما لم يجدوه في بلادهم!

وفي كتابه «الإسلام خواطر وسوانح» يقولُ الكاتبُ والعسكري الفرنسي «هنري دي كاستري»:

إنَّ مُعامَلةَ المُسلمين للمسيحيين تدلُّ على ترفُّعٍ عن الغِلظةِ في المُعاشرة، وعلى حُسنِ مُسايرة، ولُطفِ مُجاملة، وهذه حقيقةٌ لا يُمكن أن يطعنَ بها أحد!

وأجمل من هؤلاءِ جميعاً قول ابن القيم:

الدينُ كله خُلُق، فمن فاقكَ في الخُلُقِ فاقكَ في الدين!

وشخصياً أستطيعُ أن أفهمَ كيف لِغيرِ المُسلمِ أن يتمتعَ بالأخلاق، فهذه من بقايا الفِطرة، ومن هَدْي الأنبياء، ولكني لا أستطيع أن أفهمَ ولا بأيِّ شكلٍ من الأشكال أن يكونَ المُسلم متديناً ولا يكون خلوقاً!