من الإنصاف القول إن العلاقات الأميركية – الإسرائيلية شهدت تقلبات مختلفة بسبب نظرة الجانبين إلى المسألة الفلسطينية والتي لم تكن متطابقة دائماً، دون أن يقود ذلك إلى ممارسة أي ضغط من جانب واشنطن للدفع باتجاه حل حددت أطره وطبيعته القرارات الأممية بشكل واضح، وهو يقوم على حل الدولتين.

في الرابع من ديسمبر الجاري حذر وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن في كلمة أمام مؤتمر منظمة «جي ستريت» في واشنطن، الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتانياهو من أي ضم أو توسيع للمستوطنات، ومما قاله إن «الولايات المتحدة» ستعارض أي أعمال تقوض آفاق حل الدولتين بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر التوسع الاستيطاني والتحركات نحو ضم الضفة الغربية وتعطيل الوضع التاريخي الراهن في الأماكن المقدسة وعمليات الهدم والإخلاء والتحريض على العنف.

ما قاله السيد بلينكن غير كاف ما لم يتم البناء عليه، أي إحياء مفاوضات السلام من أجل التوصل إلى حل يلبي الحد الأدنى المقبول بالنسبة للشعب الفلسطيني، والمتمثل في قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود أراضي «1967» وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة.

في «2011» أكد الرئيس الأميركي الأسبق باراك اوباما، في خطاب حول الشرق الاوسط، أن الحدود بين إسرائيل والدولة الفلسطينية المقبلة يجب ان تستند إلى حدود العام «1967» مشددا على ضرورة ان تكون فلسطين المستقلة «منزوعة السلاح».

لم تستطع إدارة أوباما أن تحرك الأمور إلى ما هو أبعد من التصريحات، والآن فإن كل ما تفعله إدارة الرئيس بايدن هو السير على ذات النهج، أي تأييد حل الدولتين دون ممارسة أي فعل من شأنه إطلاق مفاوضات جادة ومسؤولة لإنهاء هذا الصراع.

مضى أكثر من «70» عاماً دون التوصل إلى تسوية لهذا الصراع، ومن المؤسف أن الدول التي كانت وراء ما وصلنا إليه تبدو أكثر تقاعسا عن النهوض بالدور الذي يتعين أن تلعبه بسبب مسؤوليتها التاريخية فيما آلت إليه الأمور، ومنها الولايات المتحدة التي ما زالت تمتنع عن ممارسة أي ضغوط حقيقية لدفع العملية السلمية، بما يحقق ما وصفه السيد بلينكن بـ «الأمن والكرامة للجميع».

لقد عانى الفلسطينيون بما فيه الكفاية، وعانت منطقة الشرق الأوسط بأسرها بسبب هذا الصراع وما نشأ عنه، ولا بد من تحرك يعيد الأمل للجميع بعيدا عن «النوايا الخطابية» وحدها.