خلال مسيرة حياتنا نواجه الكثير من العقبات والعراقيل على طول الطريق الموصل إلى أهدافنا. فحسب قوانين الحياة، لا يمكن نيل المقام الرفيع والمال الوفير والمنصب الوظيفي المرموق، أو الاستقلال المادي والمهني دون أن نواجه الصعوبات بإصرار وعزيمة لا ينثنيان.
إن الفرق بين الفاشل والناجح، هو أن الفاشل لا يبذل الجهد اللازم لتحقيق مراده، ويظل عمره كله يحلم بما يريده دون أن يطاله، إلى جانب الشكوى المستمرة، ولوم الظروف الخارجية والناس من حوله على ما هو فيه من إخفاق؛ فتبقى آماله حبيسة قفص التصورات الوهمية.
أما الناجح فيدرك أن الأحلام تبقى أخيلة تتراقص في مخيلة صاحبها، ما لم يتبعها عمل جاد دؤوب، وصبر عظيم، وشجاعة في مواجهة المجهول والعثرات المنثورة على جنبات طرقات النجاح. إنه يعي جيداً أن من طلب العُلا سهر الليالي، وما نيل المطالب بالتمني، ولكن تؤخذ الدنيا غلاباً؛ فيبذل أقصى طاقته ويضحي بالمتع الآنية في سبيل ما يطمح إليه؛ فينال المرتبة العالية ويرتقي فوق أسوار الفشل ليتربع على عرض النجومية والنجاح.
للأسف الشديد، فإن كثيراً من الناس يظنون أن طريق القمة مفروش بالأزاهير، وأن الناجحين هم سعداء حظ لا تصيبهم المصائب، ولا تعترضهم المشكلات، كأنما هم سحرة أو مشعوذون أو يملكون قدرات خارقة تضمن لهم تحقيق غاياتهم بأقل جهد وأقصر وقت!
لكن الحقيقة خلاف ذلك تماماً؛ فكثير من العظماء صرحوا للعالم أنهم كانوا من أتعس الناس حظّاً في الحياة، حيث نشأ بعضهم في بيئة شبه معدمة، وعانوا الأمرّين على جميع الأصعدة، إلى أن وصلوا إلى ما هم عليه اليوم من نجاح منقطع النظير. ولم يكن ذلك ليحصل، لولا إرادتهم الجبارة، وتصميمهم على بلوغ الهدف مهما كلف الثمن.
خلال مسيرة كل واحد فينا، لا بد أن تقف في وجهنا عشرات الحواجز، وتعيق تقدمنا مئات المعضلات والأحداث غير المتوقعة، ويتصدى لنجاحاتنا أعداء النجاح الذين لا يريدون لأحد أن يكون أفضل منهم؛ لأنهم في حقيقة أمرهم أشخاص فاشلون، يكرهون رؤية النور؛ فيسعون إلى نشر العتمة في كل مكان. على مبدأ المثل القائل: «أنا ومن بعدي الطوفان». لا هم لهم سوى أنفسهم، ولا غاية يعيشون من أجلها غير تحطيم الآخرين حتى يركبوا على أكتافهم ويشعروا بالتفوق، ويبعدوا عن أذهانهم المريضة شبح الفشل الذي يطارده كل يوم!
لكن علينا رغم كل ما يعترضنا من تحديات ألا نستسلم أبداً؛ فليس هناك هزيمة طالما فينا قلب ينبض، ووحدهم من يرفعون الراية البيضاء دون أن يحاربوا حتى الرمق الأخير هم الخاسرون الحقيقيون.
لا يمكن تحقيق أي شيء في الحياة من دون إصرار، وإدراك حقيقة أن الفشل محطة مؤقتة لا بد أن نمر عليها مرات ومرات أثناء رحلة النجاح. لا يوجد إنسان على مر التاريخ كله، لم يخفق المرة تلو الأخرى وصولاً إلى حيث يأمل. لكن الفرق أن الفاشل يتجمد عندما تلوح التحديات في الأفق، بينما يواصل النجاح طريقه متحدياً كل الظروف إلى أن يبلغ غايته المنشودة. فهو يعلم جيداً أن الفشل معلم عظيم يمكنه أن يرشده إلى النور، متى فتح قلبه ووسع عقله لاستقبال النور والتعلم من أخطائه ليرتقي بذاته أكثر فأكثر.
إذا سقطت فانهض من جديد، ولا تجعل أحداً يحبطك أو ظرفاً يقف في وجهك. أحلامك تستحق أن تعيش من أجلها وأن تبذل في سبيلها كل جهدك. أحلامك الجميلة تنتظر فارساً شجاعاً لا تعرف الهزيمة سبيلاً إلى قلبه، وإلى حكيم يدرك جيداً أن الإخفاق بساط ممدود يصل الإنسان بالنجاح، إذا قبل السير عليه.