يتدخلون في مناهجنا، اشطبوا منها قصة صلاح الدين وتحرير الأقصى، وحكاية خالد بن الوليد وتحرير بلاد الشام من الرومان، الغوا آيات القرآن، التي تدعو للجهاد، اشطبوا موضوع الوحدة العربية، وانسى حدود وطنك وأن مرتكب الجريمة الكبرى في تقسيم الوطن العربي إلى أوطان، والوطن إلى وطنين، والشعب إلى شعبين، والدين إلى طوائف يحذف.
لكن حين كانت الخلافة الإسلامية تمتد من بغداد إلى الصين لم نفرض لغتنا العربية على الإسبان ولا على الطليان ولم نقم حدودا بين عربستان وبلستان، وساد التسامح فكانت بلادنا محط اهتمام كل شعوب الأرض، وتقرأ أسماءهم على شواهد قبورهم في القدس وبغداد ودمشق وعمان.
لكن حين ضعفنا، وهانت أوطاننا على حكامنا وشعوبها، وتم استعمارها، ونفيت الثورة إلى المنافي، باتوا يحصون أنفاسنا ودقات قلوبنا، ويحددون نسلنا وعدد نسائنا.
لقد حان الوقت لنقول لهم: لسنا بحاجة لوصاية أو حماية من الملالي ولا من إسرائيل. لقد بلغنا سن الرشد، وقادرون على إدارة هذا الوطن بما ينفع أبناءه.
في طفولتنا كان مصطلح «العائدون» يطلق على أهلنا الفلسطينيين الذين هجرتهم الصهيونية من مدنهم وقراهم وأرضهم وجابوا وسكنوا في الدول المجاورة: لبنان وسوريا وشرق الأردن قبل ضم الضفتين الشرقية والغربية تحت مسمى المملكة الاردنية الهاشمية، وبعد مرور خمس سنوات ولم يعودوا أطلق عليهم «اللاجئون» وحين احتلت إسرائيل الضفة الغربية وغادرها بعض سكانها اطلق عليهم اسم «النازحون».
كثيرون كانوا يفضلون اسم «مهاجرين» تيمنا بالمهاجرين من مكة إلى المدينة ليعودوا من المدينة فاتحين، طال اللجوء وطال النزوح ولم يعد أحد فكثيرون باتوا مواطنين في بلاد النزوح ومهاجرين في أميركا وآسيا وأوروبا
لغتنا العربية لغة جميلة وقد استوعبت القرآن الكريم، وقادرة على استيعاب كل مصائبنا وهزائمنا وما أكثرها، نكبة ونكسة، والاسم جاهز لكل هارب أو راحل عن الوطن، بإرادته أو مجبرا، ومع ان الربيع العربي اسم جميل لكن نتج عنه مسميات لمن اضطروا ترك سوريا ومصر وتونس وليبيا مسميات، الجيش الحر، النصرة، أنصار الله، أحباب الله وأعداء الله، وهؤلاء خلقوا مسميات لأهل سوريا وليبيا النازحون، اللاجئون، المهاجرون والذين فروا من أوطانهم خوفا من الربيع وما جناه الربيع فأطلق عليهم «المبعدون المقاومون والأحرار وإلى ذلك من الأسماء» التي تؤرخ لخيبتنا وهزيمتنا.
بقلم : سمير البرغوثي