أظهرتْ كاميراتُ المراقبة في صالونِ حلاقةٍ في العاصمة الرُّوسية موسكو، تسللَ لصٍّ إلى داخل الصالون بعد منتصف الليل، وقام بفتح صندوق المحاسبة وأخذَ كل المال الموجود فيه، ثم نظر إلى وجهه في المرآة فاكتشفَ أن لحيته طويلة قليلاً، فتناول «ماكينة حلاقة» وحلقها، ثم مشى باتجاه الثلاجة وأخرج منها زجاجاتٍ من الخمر، وبدأ يشرب إلى أن ثملَ، ونام في مكانه، وفتح عينيه صبيحة اليوم التالي والشرطة توقظه لتقتاده إلى السجن!
ومن قبل هذا، من قبل هذا بكثير جداً، وصل خبر مقتل المَلكِ حجر الكِنديِّ إلى ابنه امرِئ القيسِ وهو يشرب الخمر ويلعبُ النردَ مع رفاقه، فما قام من مكانه، ولا رفَّ له جفن، وقال لصاحبه: ارمِ نردَكَ ما كنتُ لأقطع هذا عليكَ، وتناول كأسه وشربَ منه وهو يقول: اليوم خمر وغداً أمر!
فبقيَ يشربُ حتى نام، ولما استيقظ أقسمَ على أن لا يشرب الخمر، ولا يقربَ النساء حتى يثأر لأبيه، ولكنه ماتَ قبل أن يفعل!
وبين هذا وذاك، حدَّثونا ونحن صغار أنَّ الأرنب لما دعا السلحفاة إلى السباق فقبلتْ مُكرهةً لِمَا رأتْ من غروره، قطع نصف المسافة بينما كانت السلحفاة ما زالت تخطو المتر الأول من السباق، فالتفتَ خلفه وقال في نفسه: أنامُ قليلاً ريثما تمشي، ثم أقوم فأكملُ، ولكنه ظلَّ نائماً حتى انهتْ هي السباق وفازتْ!
لو كنتُ مكان القاضي فإني سأقوم بسجن اللص الروسيِّ ليس بسبب السرقة وإنما بسبب «فضاوة باله» وبرودة دمه! فعلى الأرجح أنه كان ينوي أن يستيقظ ويأخذ حماماً، ويشرب فنجان قهوة، ثم يُغادر! ولكن الشرطة باغتته، وأفسدتْ عليه خطته!
بعيداً عن أن السرقة قبيحة لا شك، إلا أن الإنسان الذي يقوم بالأشياء باستهتار يصيبني بالجنون.
وامرؤ القيس -أشعر العرب في الجاهلية برأيي- يجب أن يفوز بلقب بطل برودة الدم في العالم، كان كأنما يقول: دعونا نسكر الليلة وفي الصباح نثأر! في الحقيقة إن أمراً لا يُفزعكَ أول وقوعه فهو ليسَ لكَ من الأساس!
أما الأرنب والسلحفاة فكلاهما أحمق من الآخر، ماذا سيضيف الأرنب إلى سجله الرياضي إن قيل أنه قد سبقَ السلحفاة! الأمر أشبه بأن يفوز ريال مدريد على فريق حارتنا! والسلحفاة هي الأخرى بغض النظر عن أنها فازت في السباق كما يزعمون، فهي أثبتت أن الأرنب مستخف بها لا أكثر، وأنه لو أخذها على محمل الجد ما نام أصلاً!
السباق كله لم يكن له فائدة، بعض الأشياء لا تستحق أن يركض المرءُ من أجلها!
فاختاروا سباقاتكم!
