ضعْ جانبا كل النجاحات وركّز فقط على لقطة الختام التي كادت أن تغطي على كل أهداف بطولة كأس العالم قطر 2022.. في مشهد غير منتظر يتقدم الأسطورة حامل اللقب «ليونيل» ميسي لتسلّم الكأس من سمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ومن رئيس الفيفا. في حركة رمزية يقوم سمو الشيخ تميم بإلباس البطل الزيّ التقليدي للبلاد ممثلا في «البشت القطري» إكراما للضيف وتقديرا له. احتفظ اللاعب باللباس الهدية وفهم الرسالة ورفع الكأس به وطافت صورة البطل حاملا الكأس بلباس قطري أرجاء العالم وغطتها كل الصحف العالمية ومواقع التواصل عبر القارات.
لم تكن الصورة لتثير كل هذا الاهتمام فهي عادة راسخة في كل دول العالم تقريبا وعند كل الشعوب والحضارات حين يرتدي الضيف ملابس الدول المضيفة أو يحمل علامة من علامتهم الحضارية والثقافية اعترافا بالفضل وتعبيرا عن الشكر. من جهته كان سموّ الشيخ تميم يُلبس بنفسه ضيفه «البشت القطري» عنوان الترحيب والاحترام في فعل يعبّر عن أقصى درجات التقدير. وفي الجهة المقابلة حافظ الضيف على الهدية الرمزية وأخذ بها الصورة الرمزية التي طافت كل أرجاء العالم.
كانت الصورة ستمرّ مرور الكرام لولا نوبة السعار التي أصابت إعلام العار العالمي وخاصة الغربي منه الذي رأى في الصورة توظيفا ثقافيا أو حضاريا للحظة تاريخية. العجيب في الأمر أن الصحافة الأرجنتينية صاحبة الحق في التعبير والحكم على الصورة رحبت بها وأثنت على ما قام به سمو أمير دولة قطر وعلى دولة قطر منظمة البطولة العالمية التي مكنتها من النجمة الثالثة في تاريخها. وحدها الصحافة الأوروبية التي قادت الهجمات السابقة للكأس والتي بلغت ذروتها في الأسابيع الأخيرة للبطولة هي من أصيبت بالصعقة بسبب اللقطة القاتلة. لم تستوعب أذرع الأكاذيب الأوروبية اللمسة القطرية الأخيرة لختام واحد من أعظم التنظيمات الرياضية وأنجحها عبر التاريخ باعتراف الصحافة الغربية نفسها.
كانت اللقطة الأخيرة رصاصة الرحمة التي أطلقت دون قصد لتصيب قلب آلة التضليل والتزييف ولتكشف حمى الحقد والعنصرية التي أججها النجاح القطري وأوقد نارها ما حققته الدوحة من نجاحات على كل الأصعدة خلال فترة زمنية قياسية. ستبقى الصورة ذكرى تاريخية لا تنمحي وسيبقى «البشت القطري» شامخا شموخ أصحابه واقفا شاهدا على حجم الأكاذيب وزيف الأراجيف وحمى الأحقاد ضد كل تجربة عربية ناجحة. فوز السعودية ونجاح المغرب وانتصار الأرجنتين وهزيمة فرنسا وألمانيا وإسبانيا... كله تاريخ قد سُطّر ودُوّن مع علامة فارقة صنعتها الإرادة القطرية التي أبت إلا خوض أمّ المعارك لكن على الواجهة الحضارية هذه المرَة.