لو كانت «مونا جول» زوجة «تيري ريد لارسن» مدير معهد فافو للدراسات التطبيقية في النرويج، التابع لحزب العمال النرويجي، والتي كانت تعمل في الخارجية النرويجية لو كانت تعلم حين حركت طلبا قديما لياسر عرفات لفتح قنوات اتصال مع الاسرلئيليين عام 1979.. ان هذه القنوات ستفضي إلى «اتفاق اوسلو» المجحف الذي عقد القضية الفلسطينية.. بتاجيل سيادة الشعب على الوطن إلى اجل غير مسمى ستلحق اوسلو من اللعنات ما لحقها لما تسببه اتفاقها من ظلم لأمة وشعب وتاريخ وحضارة.. وانه سوف يحصد هذه الأرواح البريئة يوميا على تراب اتفاق اوسلو الذي سمح للجندي الصهيوني ملاحقة الشباب وقتلهم وقتل الأطفال وهم في أحضان أمهاتهم وان أوسلو سيحرم الوطن على عشاقه لو كانت تقرأ الغيب وتعلم ما تفعله أوسلو ما كانت «مونا» أقدمت على فتح خطوط مع عصابات ادمنت القتل وترى القتل طريق واسلوب حياة.. اقدر ان «مونا جول» خطرت لها الفكرة عن حسن نية ولم تكن تعلم دهاء الصهيونية.. هذا الدهاء وما جرى في اوسلو وثقه فيلم «أوسلو -Oslo» المتاح على تطبيق نت فلكس، وهو من إنتاج المخرج الأميركي «ستيفن سبلبيرج»، وبطولة (أندرو سكوت وروث ويلسون)، وإخراج «بارتليت شير».
ويعرض الفيلم بطريقة مسرحية وقائع المفاوضات السرية التي تواصلت على مدار سبعة شهور، بين أكاديميين وسياسيين إسرائيليين وسياسيين فلسطينيين في العاصمة النرويجية «أوسلو»، بتدبير سري من قبل «تيري ريد لارسن» مدير معهد فافو للدراسات التطبيقية في النرويج، التابع لحزب العمال النرويجي، الفيلم حلله بواقعية الزميل ناصر دمج الذي يقول: الفيلم أكد على صحة المعلومات المتوفرة حول تلك المفاوضات، وما انتهت إليه، وصحح مجموعة أخرى، وكل ذلك سيسهم في تنقيح السرد الأمين للوقائع، ومنها:- أن القضايا الخلافية التي لم يتمكن «أحمد قريع - أبو علاء» و«شموئيل زينغر» المستشار القانوني لوزارة الحرب الإسرائيلية، من التفاهم حولها، تم تسويتها في مكالمة هاتفية مطولة بين (تيري لارسن وشمعون بيرس وياسر عرفات)، وليس بين (ياسر عرفات ورابين)، الأسئلة التي عرضت على «أبو علاء» من قبل «شموئيل زينغر» وأجاب عليها جميعاً بالإيجاب، كانت 200 سؤال، ومنها الأسئلة المتعلقة بقبول الفلسطينيين من عدمه، بوجود مستوطنين يهود في المناطقِ التي سيُسيطرون عليها مستقبلاً، واستعداد القيادة الفلسطينية لمشاركة الجيش الإسرائيلي في ملاحقة المقاومين الفلسطينيين، وعدم التطرق لمواضيع القدس والحدود واللاجئين أو إطلاق سراح الأسرى، والتعهد بعدم ملاحقة عملاء إسرائيل من الفلسطينيين.
ما مكن «زينغر» من صياغة اتفاق أوسلو بشكله النهائي، وألبسه اللباس والشروط والقيود الأمنية والقانونية المحُكمة، لكنه خلا تماماً من أي ذكر لمواضيع اللاجئين والحدود والمياه والقدس، وغير ذلك من ملفات اصطلح على تسميتها بملفات الوضع النهائي..بعد ذلك أبلغ «شموئيل زينغر» شمعون بيرس وإسحاق رابين بوساطة الهاتف بما سمعه من «أبو علاء»، وقال لهما، «بأنه إذا لم نوقع اتفاقاً فورياً مع هؤلاء النّاس فإننا سنكون أغبياء»، وتابع زينغر سرد انطباعاته لبيريز عن الذي سمعه من أبي علاء وصحبه، حيث قال: «أنا سعيد بما سمعت من أبي علاء، لكنني مندهش من أنه لم يوجه لي سؤالاً واحداً قط».
سمير البرغوثي
كاتب وصحفي أردني