+ A
A -

منذ أيام نشرت صحفية «Hankyoreh» الكورية الجنوبية خبرا عن امرأة فقيرة من البلاد، سمعت أن شخصا ثريا يحتاج إلى زراعة كبد بشكل عاجل، فأخذت تبحث عنه حتى وصلت إلى ابنه، وعرضت عليه أن تعطي كبدها لوالده مقابل توظيف ابنها العاطل عن العمل في إحدى شركات هذا الثري!

وافق الابن بسرعة على هذا العرض، وتم توقيع الأوراق، ولكن قبل العملية اعتقلت الشرطة المرأة بتهمة التجارة بالأعضاء البشرية، وحكموا عليها بالسجن لعام ونصف!

عندما يضطر إنسان إلى أن يبيع كبده ليشتري خبزا فهو ليس تاجر أعضاء، ولا مجرما، هذا ضحية، المجرم الحقيقي هو الذي اضطره إلى بيع جزء منه ليعيش!

مشكلة الناس أنهم لا يرون إلا النتائج، لا أحد ينظر في الأسباب! ويحاكمون ردات الأفعال ولا يتطرقون إلى الأفعال!

القطة بالأصل حيوان أليف، ولكن عندما تحشرها وصغارها في زاوية فإنها ستصبح لبؤة! وإذا خمشتك في يدك فلا يحق لك أن تشتكي شراستها، أنت المعتدي لا هي!

ماذا تنتظرون من شاب بلغ الثلاثين من العمر، تعلم واجتهد وتخرج، وهو يبحث عن عمل ولا يجد، أتريدون أن ينظم قصيدة مديح في السياسة الاقتصادية للبلاد، هذا عليكم أن تشكروه أنه لا يعبر عن غضبه ويأسه إلا بالكلام، لقد دفنتموه حيا، أهلتم التراب عليه وهو ينظر إلى نفسه، هذا ضحية بلاد بطولها وعرضها وليس جانيا!

ماذا تنتظرون من فتاة ذبلت زهرة شبابها وهي تنتظر زوجا تأوي إليه، وابنا يناديها: ماما، وبيتا تكون سيدته؟ فلا المجتمع يرحم ولا أهلها يرحمون ويقدرون واقع الشباب!

ماذا تنتظرون من الآباء الذين يركضون ليل نهار وراء رغيف وكرامة، وعليهم أن يحصلوا كل شيء بأنفسهم كأنهم مقطوعون من وطن!

ويأتيك من يسألك لماذا يرمي الناس بأيديهم إلى التهلكة في عرض البحر في مراكب الموت، يا صديقي الغرق ليس في الماء فقط، يحدث أن يغرق الناس على اليابسة، يغرقون بالديون، والفقر، والحاجة، والقهر!

لست أبرر أي تصرف سيئ، وأي تصرف خطأ هو خطأ فعلا مهما كان الدافع وراءه، ولكن ما نراه في مجتمعاتنا برغم هذا الموت اليومي لا يقول إلا حقيقة واحدة ألا وهي أن الناس أبطال فعلا! والله أبطال!

ما زال فيهم دين وقيم وأخلاق رغم كل هذه الظروف التي تحاول أن تسلبهم إنسانيتهم!

الكثير من الأفعال السيئة لم يختر الناس أن يفعلوها، لقد دفعهم المجتمع إليها دفعا، وصدق الشاعر حين قال:

ألقاه مكتوفا في اليم وقال إياك، إياك أن تبتل بالماء!

copy short url   نسخ
08/01/2023
385