تقولُ عليّة بنت المهديّ: نحنُ نساءٌ مع رجالنا، رجالٌ مع غيرهم!
عليّة بنت المهديّ واحدةٌ من أعرق النّساء نسباً في المُلك والخلافة، أبوها الخليفة المهديّ، وجدّها الخليفة المنصور، وأخوها هارون الرّشيد، وابنا أخيها الخليفتين الأمين والمأمون، ولا يسبقها نسباً في السّلاطين إلا فاطمة بنت عبد الملك، التي يقول فيها الشّاعر:
بنتُ الخليفة والخليفة جدّها
أختُ الخلائف والخليفة زوجها!
فجدّها مروان بن الحكم خليفة، ووالدها عبد الملك بن مروان خليفة، وأخوتها الأربعة الوليد وسليمان ويزيد وهشام خلفاء، وزوجها درّة بني أميّة الخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز.
وعليّة كانتْ تُلقّب بالعبّاسة، أحبّها أبوها حُبّاً جماً، وكذلك أخوها الرّشيد، وكانت مسموعة الكلمة عند المأمون، وقال عنها الصُّوليّ: لا أعرفُ لخلفاء بني العباس بنتاً مثلها، كانت أكثر أيامها مشغولة بالصلاة والقرآن، وكانت عالمة باللغة والأنساب، مولعة بأخبار العرب، ولها ديوان شعريّ!
سرّني جداً أنّ هذه المقولة لامرأةٍ حِيزتْ لها الدّنيا! لو قالتها امرأة من العامة لقلنا لربما هو ورع من يخشى النّاس أو السُّلطان، ولو قالتها امرأة فقيرة لقلنا يزهدُ الإنسان بما لا يقدر عليه، كثعلب ابن المقفّع الذي اجتهد للوصول إلى العنب، فلما تعب دون جدوى، قال معزّياً نفسه: ما ليَ وللعنب الحامض! أمّا أن تُحدّثنا عن العفّة امرأة جمعتْ مصدري النّفوذ «المال والسّلطان» فهذا يستدعي وقفة وإشادة!
«المرأة نصف المجتمع، وهي التي تلد وتربّي النّصف الآخر»، هذه قناعة متجذّرة عندي، وليست كلاماً للاستهلاك الكتابي، ولا مطيّة لحشد التأييد النسائي! بل وأزيدُ في الطّنبور نغمة، أني ما ناقشتُ أحداً يعتبر المرأة مشكلة، إلا أني لم أكتفِ بالقول أنها ليست مشكلة، بل أزيد أنها الحل لكثير من مشاكلنا! وإنّ الإسلام حين ميّز بين المرأة والرّجل في بعض الحقوق والواجبات فهذا ناتج عن الطبيعة المختلفة لكلّ منهما، ولكنه ساوى بينهما في الكرامة الإنسانيّة، وعصمة الدم والمال والعرض، ذاك أنهما من نفس واحدة! وللمرأة أن تتعلم، وتتوظف، وتبيع، وتشتري، وتناقش، وتحاضر، وتُعبّر عن رأيها، فتوافق وتُخالف، هذه حقوق لا ينتطح فيها عنزان عاقلان!
ولكن من قال أنه من شروط الثقافة أن تتغنج المرأة لزيدٍ وعمرو، من قال أنه من شروط الوظيفة أن تكون مع زملائها في العمل كأنهم إخوتها من الرّضاعة، من قال أنه من شروط أن تبيع وتشتري أن تكون مع البائع في السوق كأنهما عقدا قرانهما منذ ساعة!
نحن إذ نستميتُ في الدّفاع عن إنسانيّة المرأة، فإننا ندافع عن أنفسنا حقيقة، لأنها الأم والأخت والزوجة والبنت والعمة والخالة والجارة، ولكن بالمقابل على المرأة أن تُميّز بين طبيعتها الإنسانيّة وبين طبيعتها الأنثوية! فهي إنسان في كلّ مكان تحلّ فيه أو ترتحل عنه، ولكن أنوثتها ودلالها وغنجها ليست مشاعاً!
تَعلّمنَ، تثقّفنَ، توظّفنَ، ألِّفنَ كُتباً، اطرحنَ رأياً، حاضرنَ، وافقنَ وخالفنَ، اشترينَ وبعنَ، هذا حقّكن دون منة من أحد، ولكن مارسنَ حقوقكنّ هذه بصفتكنّ الإنسانيّة لا بطبيعتكنّ الأنثويّة، ولكن حيث يقتضي الموقف أن تكُنّ إناثاً إفعلنَ هذا بجنون وتطرّف! أحبوا أزواجكنّ، اعشقوهنّ، تفننَ في إغوائهم، وأفرطنَ بالغنج والدلال، وحيث يقتضي الأمر أن تمسكوا بزمام أنوثتكنّ، كُنّ رجالاً فهذا من تمام الأنوثة!
بقلم : أدهم شرقاوي
عليّة بنت المهديّ واحدةٌ من أعرق النّساء نسباً في المُلك والخلافة، أبوها الخليفة المهديّ، وجدّها الخليفة المنصور، وأخوها هارون الرّشيد، وابنا أخيها الخليفتين الأمين والمأمون، ولا يسبقها نسباً في السّلاطين إلا فاطمة بنت عبد الملك، التي يقول فيها الشّاعر:
بنتُ الخليفة والخليفة جدّها
أختُ الخلائف والخليفة زوجها!
فجدّها مروان بن الحكم خليفة، ووالدها عبد الملك بن مروان خليفة، وأخوتها الأربعة الوليد وسليمان ويزيد وهشام خلفاء، وزوجها درّة بني أميّة الخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز.
وعليّة كانتْ تُلقّب بالعبّاسة، أحبّها أبوها حُبّاً جماً، وكذلك أخوها الرّشيد، وكانت مسموعة الكلمة عند المأمون، وقال عنها الصُّوليّ: لا أعرفُ لخلفاء بني العباس بنتاً مثلها، كانت أكثر أيامها مشغولة بالصلاة والقرآن، وكانت عالمة باللغة والأنساب، مولعة بأخبار العرب، ولها ديوان شعريّ!
سرّني جداً أنّ هذه المقولة لامرأةٍ حِيزتْ لها الدّنيا! لو قالتها امرأة من العامة لقلنا لربما هو ورع من يخشى النّاس أو السُّلطان، ولو قالتها امرأة فقيرة لقلنا يزهدُ الإنسان بما لا يقدر عليه، كثعلب ابن المقفّع الذي اجتهد للوصول إلى العنب، فلما تعب دون جدوى، قال معزّياً نفسه: ما ليَ وللعنب الحامض! أمّا أن تُحدّثنا عن العفّة امرأة جمعتْ مصدري النّفوذ «المال والسّلطان» فهذا يستدعي وقفة وإشادة!
«المرأة نصف المجتمع، وهي التي تلد وتربّي النّصف الآخر»، هذه قناعة متجذّرة عندي، وليست كلاماً للاستهلاك الكتابي، ولا مطيّة لحشد التأييد النسائي! بل وأزيدُ في الطّنبور نغمة، أني ما ناقشتُ أحداً يعتبر المرأة مشكلة، إلا أني لم أكتفِ بالقول أنها ليست مشكلة، بل أزيد أنها الحل لكثير من مشاكلنا! وإنّ الإسلام حين ميّز بين المرأة والرّجل في بعض الحقوق والواجبات فهذا ناتج عن الطبيعة المختلفة لكلّ منهما، ولكنه ساوى بينهما في الكرامة الإنسانيّة، وعصمة الدم والمال والعرض، ذاك أنهما من نفس واحدة! وللمرأة أن تتعلم، وتتوظف، وتبيع، وتشتري، وتناقش، وتحاضر، وتُعبّر عن رأيها، فتوافق وتُخالف، هذه حقوق لا ينتطح فيها عنزان عاقلان!
ولكن من قال أنه من شروط الثقافة أن تتغنج المرأة لزيدٍ وعمرو، من قال أنه من شروط الوظيفة أن تكون مع زملائها في العمل كأنهم إخوتها من الرّضاعة، من قال أنه من شروط أن تبيع وتشتري أن تكون مع البائع في السوق كأنهما عقدا قرانهما منذ ساعة!
نحن إذ نستميتُ في الدّفاع عن إنسانيّة المرأة، فإننا ندافع عن أنفسنا حقيقة، لأنها الأم والأخت والزوجة والبنت والعمة والخالة والجارة، ولكن بالمقابل على المرأة أن تُميّز بين طبيعتها الإنسانيّة وبين طبيعتها الأنثوية! فهي إنسان في كلّ مكان تحلّ فيه أو ترتحل عنه، ولكن أنوثتها ودلالها وغنجها ليست مشاعاً!
تَعلّمنَ، تثقّفنَ، توظّفنَ، ألِّفنَ كُتباً، اطرحنَ رأياً، حاضرنَ، وافقنَ وخالفنَ، اشترينَ وبعنَ، هذا حقّكن دون منة من أحد، ولكن مارسنَ حقوقكنّ هذه بصفتكنّ الإنسانيّة لا بطبيعتكنّ الأنثويّة، ولكن حيث يقتضي الموقف أن تكُنّ إناثاً إفعلنَ هذا بجنون وتطرّف! أحبوا أزواجكنّ، اعشقوهنّ، تفننَ في إغوائهم، وأفرطنَ بالغنج والدلال، وحيث يقتضي الأمر أن تمسكوا بزمام أنوثتكنّ، كُنّ رجالاً فهذا من تمام الأنوثة!
بقلم : أدهم شرقاوي