شهدت الايام الفائتة من هذا العام، اختراقا مهما في أزمة العلاقات بين أميركا والسودان، والتي استمرت لعقود، بإعلان إدارة اوباما رفع العقوبات الاقتصادية- جزئيا- عن السودان، على أن ترفع كليا بعد فترة ستة اشهر، إذا ما استمر السودان في الوفاء بالتزاماته في محاربة الإرهاب وإيقاف الحرب وتحسين ملفه في حقوق الإنسان.
السودان هلل لهذا الاختراق، وتلقى العديد من التهاني من دول شقيقة وصديقة، وهو ما كان ليهلل لولا أن العقوبات قد اثرت عليه تأثيرا فعليا، في مختلف مناحي الحياة، وأهمها على صعيد الاقتصاد، والتنمية.
في المقابل، أثرت العقوبات دون شك، على أميركا نفسها- وإن كانت بصورة أقل- ذلك لأن شركاتها الكبرى خاصة تلك التي تعمل في اكتشافات النفط وتصنيع قطع الغيار، قد خسرت سوقا، هي بكل المقاييس في أمسّ الحاجة إليه، بمنظور التسويق.
خاسران، استطاعا أخيرا، تجاوز هذه الخسارة المزدوجة، بعد جولات تفاوضية كثيرة ومرهقة، شاركت فيها عدة أطراف معنية، في الدولتين، أهمها الاستخبارات.
مايجمع أي دولتين، في هذا العالم، المصالح المشتركة، وتبادل المنافع.. وحيث كان هذا الفهم، كانت بالطبع المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة، وفي ذلك خير يتجاوز الأنظمة إلى شعبي الدولتين.. وتبقى مصلحة الشعوب- في الأساس- هي الأساس، ذلك لأن الانظمة تتغير، وبالتالي تتغير المفاهيم، وتتلاشى العدائيات.
إننا إذ نهنئ السودان، بهذا الاختراق، لعلى يقين بأنه سيكون حريصا على التزاماته، تلك التي لا تنتقص من سيادته.. بل إنها على اليقين ستعود على شعبه الشقيق بمنافع، تماما مثلما أن هذا الاختراق سيعود على الشعب الأميركي بمنافع، لن تخطئها العين.